قصدنا بيت الحاجة منوبية المتواجد بأحد أحياء مدينة الجسور المعلقة ''قسنطينة'' حيث حدثتنا عن رمضان أيام زمان الذي كانت تتزين فيه بيوت الحي العتيق ''السويقة'' بأبهى حلة أياما قبل حلوله، حيث يحضر له النسوة بتقطير ''ماء الورد'' و''ماء الزهر'' الذي يستعمل في تحضير أطباق رمضان الحلوة مثل ''شباح السفرة '' و''طاجين العين''، كما كانت البيوت تغسل عن آخرها بعد عملية التقطير بسكب المياه المتبقية عبر أرجاء المنزل الذي تنتشر فيه روائح الورد والزهور، والتي تلازم غرف المنازل لفترة إيذانا بقدوم ضيف عزيز ''نستقبله بأطيب المأكولات وأزكى العطور''، تضيف محدثتنا قائلة . كما أشارت أن المتفق عليه أيام زمان بين نسوة الحي العتيق ممثل في تعاونهن في التحضير لشهر رمضان، حيث كن يعتمدن على طريقة ''التويزة '' فيباشرن عملية التقطير ببيت فلانة في أول أيام التحضير، على أن تستمر ذات العملية عند البقية. كما تنجز بقية التحضيرات مثل ''فتل مسفوف السحور'' بنفس الطريقة . أما اليوم تقول الحاجة منوبية متحسرة ''لم تعد لشهر رمضان نكهته لأن معظم العادات التي كانت ترتبط بهذا الشهر الفضيل اندثرت، فبات ''الكسكسي الذي يدخل في تحضير مسفوف السحور يشترى من ''السوبيرات''، كما زالت تماما عادة التقطير وعوضت قارورات الزجاج المغطاة بمادة ''الحلفة'' والتي كان يطلق عليها اسم ''المغلفة'' وتستعمل لحفظ ماء الزهر والورد ''المقطّر'' بعبوات''البلاستيك'' الملآى بماء الزهر المصنّع، لتختتم حديثها معنا قائلة ''الله يرحم أيام زمان يا بنتي، أما اليوم فربي يستر وخلاص''.