عمت المظاهرات الصاخبة بعد صلاة جمعة يوم أمس، مختلف المدن والقرى السورية، وهو ما يعني أن النداء الذي وجهته تنسيقيات الثورة السورية لعموم المواطنين ودعتهم فيه للتظاهر احتجاجا على نظام الحكم والدعوة لإسقاطه، قد وجد صدى في الجمعة التي اختار لها منسقو الحركة الاحتجاجية شعار ''الموت ولا المذلة''. مقابل هذا قتل سبعة مواطنين قبيل انطلاق أحداث أمس برصاص عناصر الأجهزة الأمنية وقوات الجيش المكلفة بالتصدي للمظاهرات التي بدأت تربط الليل بالنهار في حركة يزداد زخمها من يوم لآخر، رغم اليد الحديدة التي تواجه بها السلطة جموع المتظاهرين. وحسب المعلومات التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية فإن دبابات الجيش السوري اقتحمت بلدة تلكلخ في حمص، وسط إطلاق نار كثيف في ظل شيوع أخبار عن حدوث انشقاقات في صفوف الوحدات العسكرية التي كلفت باقتحام المدينة، وبالنظر إلى قوة الكثافة النارية وشدتها، رجح مراقبون للوضع السوري أن تكون هناك اشتباكات قد وقعت بين هؤلاء الهاربين من وحداتهم وبقية زملائهم الجنود. نفس الأحداث سجلت كذلك بقرية الحولة في محافظة حمص التي اقتحمتها كذلك المدرعات، وقد خلفت العملية حسب العديد من المصادر مقتل أربعة محتجين، وكذلك الأمر بالنسبة لحي الصابونية في حماة الذي اقتحم دون ورود أخبار عن سقوط ضحايا، على عكس بلدة تل رفعت في محافظة حلب التي خلفت بها العمليات مقتل مواطن كان ضمن المتظاهرين. وبموازاة هذا تواصلت عمليات مطاردة الناشطين واعتقالهم، وفي هذا السياق جاء في بيان أصدره المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت الناشط المعروف في الشارع السوري حسن زهرة في منزله بمدينة السلمية بريف حماة، وأشار المرصد إلى أنه سبق للسلطة أن سجنت هذا الناشط بتهمة الانتماء إلى حزب العمل الشيوعي، وقد اعتقل أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية بتهمة التنظيم والمشاركة في المظاهرات، وقال المرصد في بيانه كذلك أن قوات عسكرية وأمنية اعتقلت ثلاثة عشر شخصا في حملة مداهمات واعتقالات شنتها في بلدة سرمين بريف إدلب. من جهته تحدث رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي، عن حملات اعتقال واسعة شملت العشرات من ناشطي مدينة القدم والزبداني والقابون بريف دمشق، كما جرت حملات اعتقال مماثلة بريف درعا وحماة وفي الجورة والقورية بالقرب من دير الزور. وحسب قراءات معظم المتتبعين للأحداث التي تعصف بسوريا منذ ستة أشهر، فإن قبضة الإصرار بين طرفي المعادلة مصممة ومتمسكة بمشروعها، إذا لا يبدو في الأفق أن السلطة مستعدة للتراجع عن قبضتها الحديدية، ولا الرافضين للحكم القائم، مستعدون للتنازل عن مشروعهم القاضي بإسقاط النظام.