سجلت جهات أمنية، خلال الستة أشهر الأخيرة، ارتفاعا في حركة تحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى بنوك في أوروبا وأمريكا بشكل لافت، سيما بالنسبة لرجال أعمال ومسؤولين سابقين قاربت أموالهم المحولة الألفي مليار، حسب تقارير متطابقة. عمد عدد من رجال الأعمال إلى توطين فواتير وهمية لتبرير تحويلات لأموال ضخمة، فيما اعتمد آخرون على التهريب في الحقائب لأموالهم، وكان صيف هذا العام فرصة لكبار تجار العملة من المغتربين الذين جاؤوا خصيصا لتحويل قيم لا تقل عن المليون أورو، بلغ الطلب عليها مستويات قياسية مقارنة مع سنوات مضت. وتقول مصادر ''الخبر'' إن حمى تحويل العقارات إلى نقد بالعملة الصعبة لدى مسؤولين سابقين وحاليين على مستويات عدة، بلغت ذروتها منذ جانفي إلى غاية أوت المنصرم، وكان ذلك أحد الأسباب المباشرة لبقاء قيمة الأورو في مستوى عال مقارنة مع سنوات مضت. وعرف سوق العملة إقبالا كبيرا على تحويل الدينار إلى الأورو بالدرجة الأولى وإلى الدولار بدرجة أقل، فيما كان لتحويلات بالجنيه الإسترليني نصيبها. ولكن وعلى غير العادة، فإن زبائن السوق السوداء للعملة الصعبة، هذه المرة، عرفوا انضمام نوعية جديدة من كبار رجال الأعمال ومسؤولين متقاعدين وآخرين في مناصب حالية، منهم نواب ومديرون مركزيون وحتى وزراء. وتشير الأرقام المتوفرة إلى أن معدل تحويل الممتلكات نقدا بالعملة الصعبة فاق المعدلات العادية بأكثر من 20 بالمائة خارج الدوائر الرسمية، بالنظر إلى قيمة التعاملات في السوق السوداء ومقارنتها بالأموال المحولة بالعملة الوطنية. وتشير مصادر مصرفية إلى أن القيم المحولة داخل الدائرة الرسمية عن طريق توطينات شكلية فاقت المعدل السنوي خلال السداسي الأول لهذه السنة، ما فتح أعين مصالح الاستعلام المالي للتدقيق في التوطينات خلال نفس الفترة. وهي توطينات لتبرير القيم المحولة مقابل اقتناء أغراض وواردات قيمها الحقيقة لا تمثل عشر القيم المدونة في الفواتير. من جهة أخرى، لا تستبعد ذات المصادر أن تفوق قيم الأموال المحولة في السوق السوداء بين كبار باعة الأورو والدولار والأثرياء ألفي مليار سنتيم، منها التي حولت عبر الحقائب بالتمويه على مستوى المعابر الحدودية وبالتحديد تونس شرقا، حيث كان المعدل السنوي لتهريب العملة يقدر بمليار دولار، فيما تشير آخر التقارير إلى أن القيمة ارتفعت ب50 بالمائة حسبما يتم جمعه من معلومات لدى تجار العملة والمهربين الموقوفين. كما أن قيما مماثلة تكون، حسب نفس المصادر، قد هربت عبر المعابر الجنوبية، تحديدا إلى مالي وموريتانا، ثم بعدها إلى عمق القارة السمراء، وبعدها إلى أوروبا، في حلقة أصبحت محطاتها مكشوفة لدى الدول الغربية التي تحارب ما يعرف بتبييض الأموال وتمويل الإجرام العابر للحدود.