سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تهميش مصالي الحاج قرار سياسي وجبهة التحرير الوطني جهاز صوري استعمله النظام للبقاء في السلطة السيدة جنينة قلفاط ابنة مؤسس الحركة الوطنية في حوار ل''الخبر''
يجب تجاوز المصالحة مع تاريخ مصالي الحاج إلى ردّ الاعتبار لأعضاء الحركة الوطنية فيلم مصطفى بن بوالعيد يحمل مغالطات تاريخية /ملتقى مصالي سنة 2000 كان مفبركا وموجها خصّت السيدة جنينة قلفاط نجلة الزعيم التاريخي للحركة الوطنية مصالي الحاج ''الخبر'' بحوار في تلمسان، عشية انطلاق أول مؤتمر أكاديمي علمي تحتضنه جامعة جزائرية منذ الاستقلال، لمناقشة دور مصالي الحاج مؤسس نجم شمال إفريقيا وحزب الشعب الجزائري والذي يعتبره المؤرخون أب الحركة الوطنية في الجزائر مطلع القرن العشرين. وتحدثت السيدة المقيمة بكندا عن لقائها بالرئيس بوتفليقة في الربيع الماضي وعن صباها ولقائها بمصطفى بن بولعيد وعن نظرتها لواقع المشهد السياسي والتاريخي بالجزائر . بداية السيدة جنينة ما رأيك في الملتقى الحالي الذي يخصص لمسار زوجك الراحل؟ فكرة تنظيم الملتقى تعود لجمعية ''أكوليمات'' وهي تمثل فضاء للمجتمع المدني بتلمسان، وقد لمست لدى أعضائها الاهتمام بتاريخ الجزائر عموما وتاريخ تلمسان والحركة الوطنية خصوصا، حيث سبق وأن اتصل بي أعضاءها في شهر فبراير من سنة 2010 وعرضوا عليّ الفكرة، فرحّبت بها، مثلما رحّب بها المؤرخان بنجامين سطورا ومحمد حربي واللذان سيحضران افتتاح الملتقى بجامعة تلمسان، في أول لقاء أكاديمي علمي بجامعة جزائرية منذ الاستقلال. وهنا أستغرب كيف تغيب الطبقة السياسية وأين هم رؤساء الأحزاب السياسية، في ملتقى يناقش مسار مؤسس الحركة الوطنية، فهل يعقل أن ينتظر الجميع إشارات ومبادرات من رئيس الجمهورية ليتحركوا، إنما هذا دليل على انعدام طبقة سياسية حقيقية في الجزائر وفي رأيي منذ سنة 1953لا توجد أحزاب بزعماء وبرامج سياسية في الجزائر. على ذكر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة... ماذا قال لكم يوم لقائكم به في 16 أفريل الماضي، تاريخ تدشين مطار مصالي الحاج زناتة بتلمسان؟ كان لقائي ببوتفليقة للذكريات والتاريخ، خاصة بوجود الرئيس أحمد بن بلة والذي قال للرئيس بوتفليقة أنه يعرفني منذ كنت طفلة... كانت لحظات ببعد تاريخي وإنساني في مدينة جمعت وشكّلت تاريخا مشتركا للزعماء الثلاث. وقد أثار انتباه بوتفليقة اسم حفيدتي ''أزيادي''، فسألني عن معنى الاسم وقلت له أن الوالد المرحوم مصالي الحاج قرأ بمكتبة ''بوردو'' أول رواية للأديب ''بيار فوتي'' وهو أحد المهتمين بالتراث المشرقي تحمل عنوان ''أزيادي''، وكان كثيرا ما يحدثنا عن تفاصيل الرواية وحفظا لذاكرته وذاكرة الوالدة أطلقت على حفيدتي اسم ''أزيادي ايميلي بيسكون''. وماذا عن الدفاتر السبعة عشر أو المخطوطات التي تركها والدكم؟ ما تزال محفوظة عندي بكندا، ولعل أهم ما جاء فيها تم طبعه سنة 1982 في كتاب حمل عنوان ''مذكرات مصالي الحاج'' وهي الطبعة الأصلية الصادرة بباريس عن دار النشر ''لاتاس''. للأسف فقد جاءت الطبعة التي نشرت في الجزائر مبتورة ومحرفة وحذفت منها المقدمة، بالإضافة إلى اعترافات الرئيس أحمد بن بلة، وإن كنت متأكدة أنه ليس هو من كتبها، لأنني أعرف أسلوبه ومستواه باللّغة الفرنسية. وقد حرصنا أثناء الطّبع على تأسيس لجنة علمية تاريخية ترأسها المؤرخ شارل أندري جوليان رفقة محمد حربي وبنجامين ستورا. حاولنا قدر المستطاع وضع هذه المذكرات في سياقها التاريخي وهنا أشير إلى أن مذكرات مصالي الأصلية والموثوقة، هي فقط التي نشرت بباريس سنة .1982 وأنا أشتغل منذ سنوات طويلة لإعداد مؤلف يحكي قصّة ملازمتي للمناضلين مصالي الحاج وزوجته ايميلي بيكسون. عانيت وعائلتي طيلة عقود من الزمن، فقط لأنني ابنة مصالي الحاج، وأنا فخورة بمسار والدي وسعيدة أننا استطعنا اليوم تنظيم ملتقى علميا بالجامعة الجزائرية يتحدث عنه. ولكن سيدتي... سبق وأن احتضنت تلمسان سنة 2000 الملتقى الأول حول مصالي بعد تولي بوتفليقة الرئاسة لا لا... مؤتمر 2000 كان مسيّسا وموجها، ولهذا قاطعته ورفضت حضوره ومثلي فعل ستورا وحربي. ما تعليقكم عن المشاهد التي ظهر فيها مصالي الحاج في الفيلم التاريخي الذي تناول نضال الشهيد مصطفى بن بولعيد؟ لست راضية عمّا قيل عن مصالي الحاج في الفيلم الذي ذكرت، لم يكن مصالي معترضا على العمل المسلح ولا على الثورة، كما جاء في الفيلم. لقد التقيت بن بولعيد وأعرفه شخصيا، وأذكر جيّدا زيارته للوالد في ''سيون'' بفرنسا، ما جاء في الفيلم عكس ما جرى بين بن بولعيد ومصالي الحاج في الحقيقة. والدليل على المغالطات التاريخية الواردة في الفيلم أنه صوّر مصالي الحاج بقسنطينة في هندام سنة 1936 بلحية طويلة وعباءة، والوالد في سنوات الخمسينيات أيام بداية الأزمة كان يرتدي لباسا أوروبيا، وكان بدون لحية، وهذا دليل أن الذي أنجز السيناريو ليس على دراية بتفاصيل التاريخ. هذا لا يمنعني من تحيّة الممثل سليمان بن عيسى الذي زارني ب''مونريال'' في كندا بغية الإطلاع والتقرب من شخصية مصالي الحاج وفي تقديري هو ممثل مثقف ومقتدر. هل نجد لديكم سيدتي تفسيرا للتهميش الذي طال شخصية مصالي الحاج في المشهد التاريخي والسياسي في جزائر الاستقلال وبعدها؟ قرار تهميش مصالي الحاج للأسف، قرار سياسي بامتياز، في اليوم الذي سيكتب فيه التاريخ الحقيقي، ويتعرف الناس على ما حدث في تلك الحقبة الزمنية، عندها ستتم المصالحة مع الذات ومع التاريخ. وبالمناسبة... كثيرا ما سألني الناس هل تمّ إعادة الاعتبار لشخص مصالي بعدما أطلق الرئيس اسمه على مطار مدينته تلمسان. أقول أننا في العائلة لا نطلب ردّ الاعتبار لأنفسنا وإنما نطالب بردّ الاعتبار لكل المنتسبين للحركة الوطنية التاريخية. لقد تعجّبت من أحد الأشخاص، ممّن يصفون أنفسهم بالساسة وهو يقول في ملتقى نظم مؤخرا حول شخصية العقيد لطفي أنه تلذّذ بقتل مسلّحين من الحركة الوطنية السياسية، هذا معناه أنه لا توجد الآن في الجزائر طبقة سياسية واعية ومؤهلة للحكم. بعض مناضلي الحركة الوطنية يطالبون بإعادة الاعتبار لحزب الشعب الجزائري وقد يقدمون طلبا باعتماده بعد الاصلاحات التي أعلنها الرئيس؟ حزب الشعب الجزائري جزء من تاريخ الحركة الوطنية ويمثل العصر الذهبي للسياسة ورجالاتها... مثل جبهة التحرير الوطني ...... مقاطعا ...؟ لا أرجوك... لا يمكن المقارنة، فحزب جبهة التحرير الوطني يمثّل حضورا وهميا وفضاء افتراضيا يحكم به النظام منذ الاستقلال وهو ما خلّف جمودا وأدى إلى ابتعاد للنخب عن ممارسة السياسة في الجزائر. كيف ترين الجزائر الآن؟ أقول أن الجزائروتلمسان كانتا تمثلان جزءا هاما في شخصية مصالي الحاج وكلما كان مبتعدا بجسمه عن بلده ومسقط رأسه كلما كان تعلقه بهما يزداد بشكل رهيب وأتمنى أن تساهم الإصلاحات التي دعا إليها الرئيس بوتفليقة في تحقيق الأمن والاستقرار والتقدم للجزائر التي تستحق وبدون مجاملة واقعا أحسن من الذي تعيشه منذ عقود .