شهدت مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، معارك شوارع ضارية بين قوات المجلس الانتقالي التي تريد بسط سيطرتها على المدينة في أقرب وقت، وقوات مناصرة للقذافي. وفي خضم معركة الحسم، أذيع خبر استقالة نائب رئيس المجلس العسكري مهدي الحراتي. في وقت عرضت العراق على رئيس الحكومة الليبية المؤقتة خلال زيارته المفاجئة لبغداد، تجربتها في إعادة الإعمار. شنت قوات الانتقالي هجوما من عدة محاور على مدينة سرت، آخر المدن التي تبقى خارج سيطرة المجلس النتقالي إلى جانب بني وليد، وشهدت شوارع المدينة التي ولد بها العقيد المخلوع، معارك طاحنة، وذكرت تقارير إعلامية نقلا عن مصادر طبية أن الهجوم كلف في بدايته مقتل 6 مسلحين وحوالي 146 جريح. وفي وقت سابق ذكرت مصادر طبية في مستشفى ميداني آخر يبعد 50 كلم غرب سرت، أن المستشفى استقبل 18 جريحا، كانت إصابات معظمهم بشظايا. وفي مستشفى ميداني على بعد كيلومترات قليلة، قال مراسل وكالة الأنباء الفرنسية إن سيارات الإسعاف تصل كل دقيقتين. وتواصلت معارك الشوارع والقصف الكثيف من ليلة الخميس إلى الجمعة، عند مركز واغادوغو للمؤتمرات الذي كانت تعقد فيه القمم الإفريقية، وبات اليوم معقلا لأنصار القذافي. وبالموازاة، تبقى مدينة بني وليد تقاوم قوات المجلس الانتقالي التي لم تستطع السيطرة عليها، مما جعل القيادة في طرابلس تدفع بالمزيد من القوات باتجاه المدينة التي يعتقد أنها تأوي سيف السلام القذافي، قبل الهجوم النهائي عليها. وذكر موسى علي يونس قائد لواء جادو، طبقا لراديو ''سوا'' أمس، أن نحو ألف رجل وحوالي مائة آلية عسكرية تابعة لقوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي غادروا الخميس قرقارش على بعد 10 كيلومتر من وسط طرابلس في اتجاه بني وليد حيث مازال مؤيدو القذافي يقاومون منذ أسابيع. وقال ''سنقوم أولا بالتفاوض كي يستسلم مؤيدو القذافي سلميا ولمحاولة إخراج ال10 بالمائة، من المدنيين الذين لا يزالون في المدينة قبل شن الهجوم النهائي''. وأوضح يونس أن ''سيف الإسلام القذافي موجود في بني وليد، وربما أيضا معمر القذافي، لأن هناك الكثير من أقرباء القذافي في بني وليد أكثر منهم في سرت''. ولفت المسؤول الأمني إلى أن ''هناك الكثير من الأسلحة داخل بني وليد، منها أسلحة متطورة وحديثة جدا، مصدرها روسيا، ونحتاج إلى معدات أكثر تطورا، لكن أيضا إلى معلومات حول ما يحدث في الداخل، تتناسب خصوصا مع مدى الصواريخ التي بحوزة مقاتلي القذافي''. وأمام هذه التطورات، ذكرت قناة الجزيرة أن نائب رئيس المجلس العسكري الليبي مهدي الحراتي أعلن الاستقالة من منصبه. دون أن يتم التفصيل في خلفيات الاستقالة، والحراتي هو قائد ''لواء تحرير طرابلس'' الذي هاجم العاصمة الليبية من جهتي الغرب والجنوب، وكان يقيم بإيرلندا ليتحق ببلده مع اندلاع الحرب بها في فيفري الماضي. وبخصوص معمر القذافي الذي دعا الليبيين إلى التظاهر ضد المجلس الانتقالي، وحذر في تسجيل صوتي القادة العرب من أن يلقوا مصيرا مشابها لمصيره، أفاد رئيس الحكومة المؤقتة في ليبيا محمود جبريل من بغداد التي زارها أول أمس، في تصريح لوكالة ''رويترز'' بأن ''أحدث التقارير تفيد بأنه موجود في جنوب ليبيا تحت حماية قبيلة من التوارق، ويدخل النيجر من وقت لآخر''. وأضاف أنه من الصعوبة تحديد مكان وجوده بالضبط حتى لمدة عشر ساعات. لكن جبريل عبر عن الأمل في أن تتمكن قوات المجلس الانتقالي خلال الأيام القادمة من التأكد من مكان اختبائه على وجه الدقة. وفي بغداد التقى جبريل برئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الذي عرض على جبريل الخبرة العراقية في مجال ''إعادة الإعمار''. كما اعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، أن إصرار حلف شمال الأطلسي على أن عمليته في ليبيا أنقذت حياة عدد لا يحصى من المدنيين هو ''تفكير غبي''، وكان أمين عام حلف الناتو أندرس فوغ راسموسن، وصف عملية الحلف في ليبيا ب''النجاح الكبير''، قائلاً إنها أنقذت حياة عدد لا يحصى من الناس. وشددت فرنسا على وجوب مواصلة العمليات إلى غاية القضاء على جيوب المقاومة لأنصار القذافي.