تتجه أندية رابطة الاحتراف الأولى، بحسب تصريحات رؤسائها، نحو عهد جديد من التسيير الاحترافي، واتفق أبرز رؤساء العهد الهاوي، الذين ارتدوا ثوب الاحتراف مكرهين، على أن للمشكل المالي حلاّ أيضا، بعيدا عن مساعدات الدولة. أعتقد جازما بأن لا مجال للصدفة، حين تناقلت وسائل الإعلام في الجزائر رؤية مشتركة للرؤساء حول مستقبل الأندية التي يسيّرونها (دوما وأبدا)، فتم طرح ''موضة'' الشركات الأجنبية، التي يبدو أنها حقّقت ما كان يبحث عنه سرّار وحناشي وجبّاري وعوف، في أوساط الجماهير. وحين نتجرّد من معايير التفكير الاحترافي، ونعود للممارسات الهاوية، ونتبنّى الشعبوية، يقودنا طرح رؤساء الأندية إلى خلاصة واحدة واضحة الملامح، مفادها أن هؤلاء هم أصحاب أملاك يطرحونها للبيع ويحدّدون من يشتريها وفق العرض ويرفعون قيمتها وفق الطلب. وبدا واضحا أن ''الرؤساء الأبديين'' للأندية الجزائرية لم يحترفوا من الرياضة وطرق تسييرها سوى اللّعب على الحبل وأساليب ''المراوغة''، من خلال التلاعب بالجماهير وجعل هؤلاء يسبحون كل يوم في أحلام اليقظة ولو إلى حين.. فقد تركت تجربة سعيد علّيق، أحد الرؤساء المتمرّسين في عهد ما قبل الاحتراف، آثارا واضحة على تصرّفات نظرائه ''الصامدين'' أمام التحوّل المفاجئ لسياسة الكرة في بلادنا، حين رفضوا أن يلقوا نفس المصير الذي فرضه رجل الأعمال علي حدّاد في اتحاد الجزائر. حكاية ''المعمّرين'' على رأس أكبر النوادي الجزائرية مع الشركات الأجنبية، سواء كانت قطرية أو إيطالية أو إماراتية أو تركية أو غيرها من الشركات، تجسّد قيمة الإرث المكتسب في التمرّس طيلة سنوات الممارسة الهاوية للّعبة، فقد جعل منهم محترفين من الطراز العالي في الضحك على أذقان الأنصار. وكان بالمقدور أن نعتبر هذه الخصال مكسبا حقيقيا، لو كانت توظّف فعلا في إرساء قواعد الاحتراف على مستوى الأندية، غير أن استخدام التمرّس اليوم في القفز على القانون وغلق الطريق أمام المستثمرين الجزائريين الحقيقيين والتصدّي لهم والتقليل من شأنهم، وتحويل أنفسهم إلى ''آباء روحيين'' للأندية، يقطع الشك باليقين بأن الاهتداء إلى الشركات الأجنبية فكرة نيّرة، انطلت فعلا على عقول المناصرين، فاعتقد المساكين منهم بأن الملايير في طريقها إلى أنديتهم، وانطبق عليهم المثل القائل ''الطمّاع سبابو الكذّاب''. لم نر اليوم أي شركة أجنبية جسّدت وعدها واستثمرت في ناد جزائري، ولن يكون هناك أي شيء من هذا القبيل، ورؤساء الأندية يعرفون أن الشركات الأجنبية تفكّر بمنطق الربح والخسارة، وواقع الاحتراف الفتي في الجزائر لا يضمن للأجنبي ذلك.. وسيبقى شعار ''الشركات الأجنبية'' سيّدا مادام أنه يضمن بقاء الحال على ما هو عليه، إلى حين اقتناع المسؤولين عن الاحتراف في الجزائر أنهم ملزمون بوضع حدّ للمهازل والقول لمن لا يفقهون في قواعد تسيير الأندية المحترفة إن الأندية لا تُعطى ولا تؤخذ وهي ليست ملكية أبدية، إنما تحكمها ضوابط وقوانين محدّدة المعالم.