الديمقراطيون: النهضة مشروع رجعي قادم من إيران النهضة: التخويف من الإسلاميين تجارة بائرة تنظم اليوم في تونس أولى انتخابات تعددية بعد سقوط نظام بن علي، وسيكون لها شرف قيادة قطار البناء الديمقراطي في الدول التي شملتها رياح الربيع، والتي بدأت من تونس عبر بوابة حادثة البوعزيزي، لكن وإن اتفق التونسيون على التغيير فإنهم يختلفون في مناهجه وصوره، ويختلفون أكثر حول معالم الدولة المنشودة. المشهد الجزائري في التسعينيات يتكرر في تونس الصدام العنيف بين الإسلاميين والديمقراطيين.. هل يتحول إلى حرب العصي..؟ يتجدد المشهد الجزائري بكثير من تفاصيله في تونس، والبلاد على موعد مع أول استحقاق انتخابي حر وتعددي وشفاف تشهده تونس منذ استقلالها، وبعد تسعة أشهر و10 أيام عن نجاح ثورة الياسمين في خلع نظام بن علي البوليسي. الفارق الرئيس بين المشهد الجزائري في التسعينيات والمشهد التونسي الراهن، يتمثل في كون التيار السلفي التونسي ممثلا في حزب التحرير غير معتمد، والذي يدعو إلى إقامة الخلافة الإسلامية، ويمثل أقلية سياسية وشعبية في تونس، كما أنه الأقل تنظيما وحضورا في الساحة، في مقابل اكتساح حركة النهضة المحسوبة على خط الإخوان المسلمين للشارع التونسي، وقوة حضورها السياسي والشعبي الكبير الذي أبانت عنه خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. وتبدو الصورة مقلوبة بين المشهد في الجزائر والمشهد التونسي، عند إجراء المقارنة بين التجربتين، حيث كانت تجمع الجبهة الإسلامية للإنقاذ -الفيس- جميع أطياف التيار السلفي في بداية التسعينيات، واكتساحها للانتخابات البلدية والتشريعية الأولى، في مقابل الوضع الهش الذي كانت عليه حركة المجتمع الإسلامي (حماس) وأحزاب إسلامية محسوبة على التيارات المعتدلة كنهضة جاب الله. لكن تتكرر ذات مقاطع الصراع على الشارع وعلى المساجد وكيل الاتهامات المتبادلة بين النهضة في تونس وحزب التحرير والسلفيين، حول الكفر بالديمقراطية ومداهنة الغرب والانحراف عن الدين، تماما كما كان عليه وضع الحرب النفسية والسياسية بين الفيس والراحل محفوظ نحناح. وتكتمل صورة تسعينيات الجزائر في تونس، عندما تتكرر نفس مشاهد الصدام السياسي الحاد بين اللائكيين والعلمانيين من جهة، وقوى التيار الإسلامي من جهة ثانية، وإعلان العلمانيين -تماما كما كان يعبر الأرسيدي والأحزاب الديمقراطية في الجزائر- عبر البيانات والمسيرات والتجمعات السياسية عن مخاوفهم ممن يصفونهم ب''الرجعيين والأوصياء على الدين''، ما يؤكد أن التونسيين لا يزالون بعيدين عن التوافق بشأن مشروع المجتمع. وقال أحمد إبراهيم زعيم حزب التجديد المنضم إلى كتلة القطب الديمقراطي الحداثي ل''الخبر'' أن القطب الديمقراطي سيقاوم الرجعية الإسلاموية. ويقول سمير الطيب رأس قائمة القطب الديمقراطي في تونس العاصمة من جهته إن ''تونس تحتاج إلى تحالف قوي للأحزاب الديمقراطية من اجل محاربة الرجعية ممثلة في حركة النهضة، ومشتقاتها من حراس الثورة القادمين من إيران، والذين استوردوا المشاريع السياسية من السودان والمدعومين من السفير الإيراني في تونس''. وقال نجيب الشابي زعيم حزب التكتل الديمقراطي التقدمي أكبر الأحزاب التونسية أنه يضع نفسه في مواجهة حركة النهضة ومشروعها الذي يهدد الديمقراطية في تونس، وينقض على المكاسب التي حققها المجتمع التونسي، وتعتقد السينمائية سلمى بكار أن ''التونسيين مسلمون ولا يحتاجون إلى النهضة لكي تعملهم الدين الإسلامي''. لكن حركة النهضة التي التزمت الصمت تجاه كل هذه الاتهامات، وتبنت التزاما أخلاقيا بعدم مهاجمة أي حزب سياسي، قادت هجوما معاكسا بشكل ذكي، واعتمدت على طالبات جامعيات غير محجبات في تنشيط حملتها الانتخابية، وقدمت مرشحات في قوائمها غير متحجبات، بينهن سعاد عبد الرحيم متصدرة قائمة حركة النهضة في تونس العاصمة، وقالت سعاد عبد الرحيم في آخر تجمع للنهضة إنها فخورة بأن تكون ضمن قائمة الحزب، وأن النهضة ليست مجرد حزب سياسي حداثي وسيزيل المخاوف عن كل التونسيين. جيش من الملاحظين والصحفيين لمراقبة أولى انتخابات الربيع العربي خمسة ملايين تونسي يتوجهون اليوم إلى مكاتب الاقتراع تحت حماية الجيش يتوجه اليوم ما يقارب خمسة ملايين تونسي إلى مكاتب الاقتراع لاختيار 217 عضوا للمجلس الوطني التأسيسي، في أولى انتخابات حرة غير محسومة النتائج تشهدها تونس منذ استقلالها عام 1956، وهي أولى انتخابات في دول الربيع العربي، منذ ثورة ''الياسمين'' التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، وتجري تحت حماية الجيش التونسي. وقال كمال الجندوبي، رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بتونس في تصريح ل''الخبر'' إن الهيئة بذلت أقصى جهودها من أجل ضمان شفافية الانتخابات، والحرص على مشاركة كل التونسيين لصنع مستقبل تونس، حيث سيتوجه ما يقارب خمسة ملايين تونسي مسجلين في القوائم الانتخابية، اليوم إلى 4500 مركز اقتراع لانتخاب أعضاء المجلس التأسيسي، عبر ما يقارب ثمانية آلاف مكتب اقتراع في تونس، إضافة إلى أكثر من 400 ألف تونسي ينتخبون في الخارج. وكشف الجندوبي وهو معارض تونسي كان منفيا في الخارج، أن عدد المترشحين للمجلس الوطني التأسيسي بلغ 11686 مترشح، 56 بالمئة منهم تقل أعمارهم عن 40 سنة، موزعين على 1521 قائمة، بعد رفض 100 قائمة لعدم توفرها على الشروط القانونية، بينها 660 قائمة مستقلة و827 قائمة حزبية و34 قائمة لأحزاب متحالفة، من مجموع 111 حزبا سياسيا معتمدا، وتصدر الرجال 94 بالمائة من القوائم، فيما تصدرت النساء 6 بالمئة فقط، وتمثل حركة النهضة والحزب الديمقراطي التقدمي والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل الحريات والقطب الديمقراطي، أبرز القوى السياسية التي تتنافس في هذه الانتخابات. وتجرى الانتخابات التونسية تحت مراقبة غير مسبوقة على المستوى العربي لبعثات ملاحظين دوليين ومحليين، وبلغ عدد الملاحظين الدوليين للانتخابات التونسية أكثر من خمسة آلاف مراقب وملاحظ دولي، ضمن 15 منظمة أجنبية، أبرزها الاتحاد الأوروبي الذي أرسل أكثر من 300 مراقب والمعهد الديمقراطي الأمريكي الذي أرسل 160 مراقب، إضافة إلى فريق من الجامعة العربية، وكذا إلى 11 منظمة تونسية مدنية تعمل على مراقبة الانتخابات، فيما وصل إلى تونس أكثر ألف صحفي لتغطية أول انتخابات في دول الربيع العربي. وحرصا على الأمن، أعلن الجيش التونسي عن نشر 42 ألف عنصر لتأمين مراكز الانتخابات والطرقات والمدن اليوم، بينهم 22 ألف جندي و20 ألف عنصر من قوات الأمن الداخلي، كما اتخذت السلطات التونسية احتياطاتها الأمنية لمنع أي تشويش على العملية الانتخابية. وسيتكفل المجلس التاسيسي الذي ستفرزه هذه الانتخابات، وعهدته لمدة سنة واحدة فقط، بصياغة دستور جديد للبلاد، يحدد طبيعة النظام السياسي الذي ستنتهجه تونس خلال المرحلة المقبلة، ويحدد الصلاحيات السياسية والتنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان والمؤسسات الرسمية للجمهورية ''الثالثة ''في تونس، بعد جمهورية بورقيبة وجمهورية بن علي. أربعة ملاحظين جزائريين يراقبون انتخابات تونس علي جري يؤكد أنه لا يوجد أي تجاوز يؤثر فعليا على سير الانتخابات يشارك أربعة ملاحظين جزائريين في مراقبة انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، هم المدير السابق لصحيفة ''الخبر'' علي جري ورئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي والنائب في البرلمان طارق يارة والنائب سابقا صباح بونور. وقال علي جري ل''الخبر'' إنه يشارك ضمن فريق للملاحظين أوفده مركز الكوكبي يضم 16ملاحظا من دوي الكفاءات والخبرة في مراقبة الانتخابات في عدة دول، وتتعلق مهمتهم في ملاحظة سير العملية الانتخابية وصياغة تقارير بشأنها، مشيرا إلى أنه مكلف بملاحظة الانتخابات في منطقة جربة، وأكد أن ملاحظات الوفد العربي عقب لقاءاته بقادة الأحزاب السياسية والقوائم المرشحة في تونس تتعلق حتى الآن بملاحظات عامة ترتبط بشكاوى بعض الأحزاب السياسية من تجاوزات طفيفة ودعائية من قبل قوائم أخرى، وحول مصدر تمويل بعض القوائم الانتخابية، موضحا أن هذه التجاوزات المسجلة ليست بالحجم الذي يمكن له أن يؤثر على السير العام للعملية الانتخابية. وأوضح جري أن وفد الملاحظين العرب استطلع الجو العام قبل العملية الانتخابية، وخلال الحملة الانتخابية، وأخذ بعين الاعتبار نقص الخبرة لدى الأطراف التونسية، سواء المنظمة للعملية الانتخابية أو تلك المشاركة فيها، مشيرا إلى أن وفد الملاحظين العرب سيصدر غدا بيانا أول، عند بداية العملية الانتخابية، وبيانا ثانيا عند غلق المكاتب، قبل أن يصدر في اليوم الموالي للانتخابات التقرير الأولي. رئيس الاتحاد من أجل الجمهورية منصف المرزوقي ل''الخبر'' ''نحتاج إلى حكومة وحدة وأخاف على الديمقراطية في تونس من المال السياسي'' قال منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية إن انتخابات تونس تشكل بداية مرحلة جديدة، لكنه حذر مما وصفه محاولات الانقلاب على مكتسبات الثورة عبر ''أحزاب المال'' التي اسسها مقربون من النظام السابق. وقال المرزوقي في تصريح ل''الخبر'' في آخر يوم للحملة الانتخابية إن حزبه يحظى باحترام التونسيين بسبب رصيده النضالي في مقاومة نظام بن علي، مشيرا إلى أن تونس لا يجب أن تخرج من نظام دكتاتوري إلى نظام يديره المال الفاسد. ووجه المرزوقي رسالة إلى قيادات الأحزاب التونسية بهدف العمل على الحد من هيمنة المال السياسي، محذرا من مخاطره على الديمقراطية، وذكر في هذا السياق أن ''أحزاب النهضة والتكتل من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي اتخذت طرقة عمل برز فيها المال بشكل كبير، بما لا يكرس هيبة السياسة واحترام السياسيين ونزاهة الانتقال الديمقراطي''، مشيرا إلى أن ''الإمكانيات المالية الكبيرة لهذه الأحزاب ومصادرها المجهولة وطريقة صرفها، وهو أمر لا يجب السكوت عنه''، معتبرا أن ''الانتخابات أو أي عملية ديمقراطية لا يمكن أن تتم في جو موبوء بالمال الفاسد، والذي حول الأحزاب السياسية إلى شركات سياسية تسوق برامجها وأفكارها على طريقة التجار الذين يسوقون علب الياغورت، وشراء الذمم''. وأكد المرزوقي أن حزبه له حضور شعبي بفضل مواقفه التاريخية، وسيقبل التحالف في إطار حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى التي ساهمت في إسقاط النظام السابق، لنقل تونس إلى مرحلة الاستقرار، وإطلاق مشاريع للإصلاح السياسي وفي كل القطاعات، وقال المرزوقي إن الدستور الذي سيصيغه المجلس التأسيسي يجب أن يحترم قيم الدولة المدنية وقيم العروبة والإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان.