ذكر رئيس حركة النهضة التونسي السيد راشد الغنوشي قصة خروجه من بلده تونس، مستذكرا حيثياته والظروف التي دفعت به إلى نفض يديه من نظام بن علي وذلك إثر مغادرته تونس مباشرة بعد انتخابات 1989، وقال "كان خروجي من تونس في شهر ماي من سنة 1989، وقد ارتبط بحدث قريب منه، وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أفريل من نفس السنة، بعد أن تسلم بن علي السلطة بانقلاب طبي على الرئيس بورقيبة، معلنا أن لا رئاسة مدى الحياة، واعدا أنه سيلتزم بالديمقراطية، وبمجموعة من الوعود التي تمثل مطالب المعارضة في ذلك الوقت"، وأضاف "لقد أيدنا هذا التغيير بسبب تكاليفه المحدودة، وأنه إذا وفّى بموعوداته سنكون قد سلكنا الطريق الأقصر للتغيير"، لقد اعترف بعدد قليل من الأحزاب، وأعلن عن تأسيس المجلس الإسلامي وأدى العمرة، وأخرج عشرة آلاف سجين من أبناء النهضة مما نشر في البلاد فرحة عامة، وكان قد سجنهم إبان توليه وزارة الداخلية في حكومة بورقيبة.
وذكر زعيم الحركة أن الانتخابات البرلمانية عام 1989 كانت أول اختبار لموعودات بن علي كان اختبارا فاشلا إذ رجع الحزب الحاكم يحتل كل مقاعد البرلمان"، وهنا بدأ العد العكسي للسابع نوفمبر، فبعدها بشهر خرجت محبطا نافضا يديّ من العملية، متجها إلى ألمانيا، حيث تلقيت دعوة لإلقاء محاضرة لمدة ثلاثة أيام، إلا أن الأحداث في تونس ما لبثت أن تصاعدت وبدأت الاعتقالات في صفوف أبناء النهضة وقيادييها، فنصحني حينها الإخوان أن لا أعود إلى تونس، وتحوّلت زيارة الثلاث أيام إلى واحد وعشرين سنة كاملة".
لم أشعر بوطأة الغربة حتى غادرت الجزائر استعاد الشيخ راشد الغنوشي الأيام التي قضاها بالجزائر كأول موطن وطئته قدماه، "لم يذق فيه وطأة الغربة"، مسترسلا "خلال هذه الهجرة كانت المحطّة الأولى التي تم الاستقرار فيها الجزائر في 1989، والتحقت بي أسرتي في 1990 عبر الجبال، حيث كانت السلطة التونسية حريصة على منع خروج أبناء النهضة وعلى استعادتي إلى أرض الحصار والاعتقال، فرفضت تجديد جواز سفري إذ كانت منحتني جواز سفر لا يصلح إلا لسنة واحدة، وهذا مخالف لجواز السفر التونسي الذي تصل مدة صلاحيته إلى خمس سنوات لدفعي للعودة. واحتفظ الشيخ، للتاريخ، بفضل الأمين العام لحزب جبهة التحرير وقتها عبد الحميد مهري بدوره في تسجيل أطفاله في المدارس الجزائرية، وتسهيلات التعاون المدني التي لقيها وإخوانه وعوائلهم بين أحضان الجزائريين طيلة ثلاث سنوات ما بين 1989 حتى مطلع 1992 . وشهد الغنوشي أنه لم يعرف طعم الغربة وهو في الجزائر ولم يذق وطأتها حتى خرج منها في 1992، متجنّبا وضع الجزائر في حرج مع إصرار تونس على استرجاعه منها، وخرج معه نحو خمسمئة منتميا للحركة عاشوا في الجزائر "وكانت السلطات الجزائرية تغضّ الطرف عنهم"، كما أثنى الغنوشي على الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد. ويذكر الشيخ بالتفصيل لحظات دخوله الجزائر "دخلت إليها بشكل طبيعي لما كنت عائدا من ألمانيا، حينها كانت الجزائر تمرّ بمرحلة أطلق عليها ربيع الديموقراطية، إذ كانت تعيش طفرة من التنظيمات والأحزاب وحرية التعبير والصحافة، وفي تلك الفترة تعرفت على معظم الشخصيات الجزائرية من مختلف الاتجاهات من مفكرين ورجال دين على رأسهم الشيخ أحمد سحنون والشيخ عبد الرحمن شيبان رحمهما الله إلي جانب آخرين آووا المهاجرين التونسيين في الجزائر، ووجدوا عندهم الدعم والتشجيع مثل المرحوم شريف بلقاسم المدعو سي جمال". وفي هذه الأثناء استطاع الشيخ أن يكون صديقا مقرّبا للرئيس السابق أحمد بن بلة الذي قدم لنا الدهم المادي والمعنوي، كما تعرف على وزير الخارجية الأسبق آنذاك والرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي توطدت معه علاقات الصداقة والمودة، واستمرت حتى بعد توليه الرئاسة، وكانت له معه مكالمات متعددة خلال السنوات الماضية. كما توطدت علاقاته بجملة الطيف الإسلامي الجزائري ومنهم الشيخ المرحوم محفوظ نحناح، "الذي كان له دور في إيوائنا، وكانت علاقاتنا مفتوحة مع الجميع في الجزائر، كالشيخ محمد السعيد رحمه الله، ومع عباسي مدني ومع عبد الله جاب الله ومع علي بلحاج ومع زعماء سياسيين كثيرين منهم بن يوسف بن خدّة رحمه الله وبلعيد عبد السلام وأحمد طالب الإبراهيمي وعبد الحميد الإبراهيمي ومحمد الإبراهيمي وأحمد بن محمد وآخرين".
التجربة الإسلامية التونسية الأقرب إلى النموذج التركي محمد مسلم نفى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، أن تكون الحركات الإسلامية في الوطن العربي، قد وصلت إلى طريق مسدود، وأكد بأن هذه الحركات على أبواب مرحلة جديدة، فتحها ربيع الثورات العربية التي أطاحت برؤوس أنظمة ديكتاتورية وزعزعة أخرى، غير أنه اعتبر التجربة التركية الأكثر نجاحا. واعتبر الغنوشي نموذج التجربة الإسلامية التركية الأقرب إلى نظيرتها التونسية، بالنظر إلى التقاطعات التي تجمع بين التجربتين، ويقول: "تونس عرفت منذ البدايات الأولى للاستقلال بنظامها العلماني المستنسخ عن النمط الفرنسي، القائم على رفض كل ما هو ديني، وقد جسد هذا الحبيب بورقيبة، وكذلك الشأن بالنسبة للنظام التركي الذي أرساه زعيمه، مصطفى كمال أتاتورك". وبحسب الإسلامي التونسي، فإن التجربة التركية نجحت في ترويض "الأتاتوركية"، التي تجسّدها المؤسسة العسكرية، بصفتها حامية قلاع العلمانية، وذلك من خلال القضاء على بعض المفاهيم المعادية لكل ما هو ديني أو بالأحرى إسلامي، بما يجعلها غير قادرة على التعايش مع الخلفية الدينية للشعب التركي الضاربة في أعماق التاريخ. ويعتقد الغنوشي أن الثورة التونسية أسست لإعادة النظر في النمط الفرنسي للعلمانية، القائم على تعميق الخلاف بين الدين والسياسة، وبين الدين والعلم، عكس مفهوم العلمانية في الدول الأنجلوساكسونية، وهذا من شأنه أن يمكن الحركة الإسلامية في تونس، من أن تساهم في بناء نظام ديمقراطي قادر على تجاوز فداحة الإرث، الذي خلفه نظاما بورقيبة وبن علي. أهلا بالحركات السلفية إذا قبلت بالآخر
لا يتضايق الأستاذ راشد الغنوشي، من البروز اللافت للحركات الإسلامية السلفية، في العديد من البلدان العربية، ومنها تونس بعد الثورة، ويعتبر انضمامها للحراك السياسي، رقما جديدا من شأنه أن يساهم في إرساء واقع سياسي قائم على التعدد وقبول الآخر. "السياسة تنجح بكثرة المشاركين فيها مهما اختلفوا، وذلك عامل يساعد على استقرار ونجاح المجتمعات"، يقول الغنوشي، حتى وإن كان من بين الفاعلين الحركات السلفية واليسارية المتطرفة، فإنه يشدد على ضرورة أن يقلع الممارس للعمل السياسي عن التفكير الإطلاقي لأن مجال السياسية النسبي وليس المطلق، جنة ونار، وخير وشر، حلال وحرام.. فالسياسة تقوم على النسبية، وعليه يتعيّن على التيارات المتطرفة الاقتناع بحق الآخر في الوجود وبتعدد الاجتهاد، وبمنطق الموازنات بين المصالح والمفاسد. وعلى الصعيد التونسي قال الغنوشي، إن عدد التونسيين الذين سجلوا أنفسهم في قوائم الانتخابات 55 بالمائة وهذا اعتبره "أمرا مشجعا ودالا على اهتمام التونسيين بالسياسة خلافا لما كان عليه الأمر من قبل ونتوقع أن ترتفع هذه النسبة حتى تلامس الثمانين والتسعين بالمئة".
"الجزائر كانت مركزا لدعم الثورة التونسية" قال راشد الغنوشي، إن التونسيين يتوقعون المن جزائر الثورة وهي الشقيقة الكبرى أن تمون في طليعة الدول المؤيدة لثورتهم وظهيرا قويا لهم، مضيفا أن دعم الجزائر للشعب التونسي ليس جديدا، وأعطى مثالا على ذلك، حين استقبلت الجزائر أكثر من 500 شخص من حركة النهضة التونسية، منهم العشرات من قياداتها وعائلاتهم، لثلاث سنوات، ربطوا من خلالها صداقات وعلاقات وطيدة مع الكثير من السياسيين والمثقفين الجزائريين، مشيرا إلى أن الجزائر كانت المحطة الأولى في غربته التي لم يشعر بها أثناء تواجده فيها.
النهضة لم تركب الثورة وليست وليدا لقيطا بل أصيلا رد الغنوشي على الاتهامات التي طالت حركة النهضة التونسية، واتهمتها أنها غابت مع بداية الثورة وانتظرت حتى نجاحها، معتبرين أن النهضة "ركبت الثورة التونسية" أو أنها أرادت "سرقتها"، قائلا إن الحركة هي أكثر من حارب الرئيس بن علي المخلوع، ودفعت وراء نضالها ثمنا باهظا لم تبذل مثله أي حركة أخرى بشهادة كل عارف موضوعي، وامتد هذا البذل لعقود من الزمن، مضيفا أن النهضة أول من دعا إلى النزول للشارع مطلع التسعينات وأول من أعلن رأيه بصراحة وقال إن انتخابات عام 1989 مزورة، النهضة كانت في الطليعة، وسجن بن علي أكثر من 30 ألف من مناضلي الحركة، وقدمت النهضة نحو 130شهيدا، وشرّد وعذّب الآلاف منها، وعلى هذا الأساس لا عجب أن تكون الحركة أكثر الرابحين من الثورة المباركة، يقول الغنوشي، فالنهضة ليست وليدا لقيطا للثورة.. بل شريك أصيل والشعب يشهد على ذلك، كما ستبرزه الانتخابات المقبلة إن شاء الله. لدينا علاقات مع فرنسا والنهضة ليست الغنوشي أوضح الغنوشي أنه ليس لديه طموح في حكم تونس، تخص الغنوشي كشخص وليس الحركة، مضيفا أن في النهضة قيادات ومؤسسة ومشروع ومن يقرر في الترشح للانتخابات هي المؤسسة وليس الأشخاص، مؤكدا أن الحركة ستدخل المعترك الانتخابي بكل ثقلها وأرصدتها وهو الأمر الطبيعي فالأحزاب إنما تتأسس من أجل أن تحكم. أما عن الحديث الذي يدور في تونس هذه الأيام حول الاستقطاب الدولي لتونس بعد الثورة، خاصة فرنسا وأمريكا، فقد أكد المتحدث أن هذه القضية ليست كما يسوقها الإعلام بهذه الحدة، "إن فرنسا مثلا عبرت من خلال وزير خارجيتها آلان جوبي أن "الدكتاتوريين قد أعموا أبصارنا، فلم نر في الإسلاميين إلا أنهم متطرفون وإرهابيون. إن فرنسا مستعدة للحوار مع المعتدلين". وفعلا فقد أجرت الخارجية الفرنسية والخارجيات الأوروبية أكثر من حوار خلال الاشهر الاخيرة مع عدد من الاسلاميين ومنهم حركة النهضة حول مستقبل الإسلام السياسي.
الاقتصاد التونسي خسر 50 بالمائة من موارده.. لكن لا خوف عليه اعتبر ضيف الشروق أن وضع الاقتصاد التونسي المتذبذب بسبب التراجع الكبير للسياحة الصيفية بتونس باعتبارها موردا أساسيا لا يدعو للقلق، لكونه ظرفي وجاء في ظل حالة حتمية تتلو كل الثورات أو التحولات الكبرى داخل المجتمعات، وعبر عن تفاؤله بعودة الأمور إلى نصابها بمجرد تجاوز المواعيد السياسية التي تبني مؤسسات الدولة بدءا بانتخاب المجلس التأسيسي في أكتوبر القادم. وأشار إلى أن الاقتصاد التونسي خسر حوالي 50 بالمائة من موارده بعد الثورة، لكنه سيستعيد عافيته خلال الأشهر القادمة على يد الكفاءات التونسية الناشطة في مختلف المجالات، مبرزا أن تونس لديها إمكانيات خارج إطار قطاع الخدمات، وخاصة في ميدان الصناعات الخفيفة وفي التقنيات العلمية الحديثة. وأكد رئيس النهضة التونسية أن اقتصاد بلاده يحقق حالة استقراره بالمورد السياحي الجزائري والليبي، لذلك أبرق آملا أن الأشقاء الجزائريين والليبيين لن يتخلوا عن تونس التي تعودوا على التوجه إليها سياحيا بمجرد استقرار الأمور والتخلص تماما من بعض حالات الانفلات الأمني والتي تعتبر عادية في ظل التحول التاريخي الكبير الذي تعيشه تونس. وخلافا للتأويلات الإعلامية لبعض حوادث الانفلات فإن البلاد عموما تعيش فرحة بالنصر واستقرارا وهدوءا. تونس لن تغرق في حرب أهلية لأنها مهيكلة مدنيا ردا على سؤال حول احتمال حدوث صدامات عنيفة بين المتطرفين من الجهتين الإسلامية واليسارية في تونس قد تؤدي إلى حرب أهلية، أكد رائد التيار الإسلامي في تونس أن ذلك أمرا مستبعدا جدا لكون المجتمع التونسي مهيكل مدنيا، وعلى قدر كبير من الوعي الذي ينبذ العنف، بالإضافة إلى أن تونس ليست بلدا طائفيا أو عشائريا أو قبليا، بل تحكمه أعراف الدول الحديثة وقوانينها. ورغم التهديدات الأمنية التي تسبب فيها الوضع في ليبيا وكذلك نشاط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إلا أن ضيف الشروق، يرى أن هذا لن يحدث أي خطر على الجانب الأمني في تونس، باعتبار أن التونسيين تخلصوا من عقدة الخوف بإسقاط نظام بن علي، ويدركون جيدا خطر الانسياق إلى استعمال العنف من أجل التغيير، بالإضافة إلى أن طبيعة الثقافة التونسية بعيدة عن العنف والجغرافيا نفسها سهلة ،منبسطة وخالية من التضاريس الوعرة. رموز نظام بن علي طلقاء والشارع التونسي مستاء من القضاء أكد رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، أن الشارع التونسي قلق بسبب استمرار الإفلات من العقاب، إثر فرار عدد من الشخصيات البارزة المطلوبة للعدالة، إلى الخارج، داعيا إلى إجراء إصلاحات سياسية عميقة في مستوى المؤسسة القضائية والأمنية والإعلامية خاصة. وقال الغنوشي: "إن الشارع قد عبّر عن هذا القلق من خلال الاحتجاجات التي شهدها الأسبوع المنصرم". وكان التونسيون قد تفاجأوا من إطلاق سراح بشير التكاري وعبد الرحيم الزواري، الوزيران في حكم نظام زين العابدين بن علي، وتهريب سيدة العقربي إلى باريس. وأضاف: "التونسيون غير مرتاحين مما يقوم به القضاء، ويطالبون بضرورة إدخال إصلاحات جذرية على هذا القطاع الحساس، الذي همشه وأفسده نظام الحبيب بورقيبة، ومن بعده نظام الطاغية المنهار، زين العابدين بن علي"، لافتا إلى أن ملف الجنايات المتعلقة بقتلى الثورة لم يفتح بعد. وانتقد الغنوشي "وجود بعض الرموز الفاسدة للنظام البائد خارج القضبان، ولم يقع التحفظ عليهم، كما أن التهم التي حوكم بسببها الرئيس المخلوع، لحد الآن، لم تتعدى بعض المخالفات الجمركية التي يمكن تسويتها مع الإدارة"، وهو ما اعتبره استخفافا بالشعب التونسي، غير أنه أشار مع ذلك إلى أن ملف جرائم النظام السابق، لايزال مفتوحا، وقد يفعّل بعد ظهور أول حكومة لمرحلة ما بعد الثورة، تتويجا لأول انتخابات تعددية في تونس، بتاريخ 23 أكتوبر. "لا نلغي الأحزاب اليسارية لأن لها تاريخا في النضال" وأضاف راشد الغنوشي أن حركة النهضة لا تلغي أبدا الأحزاب اليسارية الموجودة في تونس، والتي لها تاريخ في النضال، ولا أحد يسلبها حقها، لكن ليس لها امتداد شعبي مثل حركة النهضة، وأكد ضيف الشروق أن النهضة لها تاريخ في النضال المشترك مع أحزاب اليسار، وكان ثمرة ذلك النضال، حركة 18 أكتوبر، التي شارك فيها عدد من أحزاب منها التجمع الديمقراطي التقدمي، وحزب العمال الشيوعي، وحزب المؤتمر، والتكتل، وأحزاب قومية أخرى ناضلت ضد الدكتاتورية واستطاعت الوصول لوثائق مهمة جدا، ولهذا يضيف الغنوشي "الثورة كان وراءها عمل مشترك بين كل الأحزاب منذ زمن أسست لأرضية مجتمعية مشتركة تستفيد منها الثورة اليوم في البناء الجديد رغم كل الاختلافات". وردا على سؤال حول غياب الشعارات الإسلامية في الشارع التونسي أيام الثورة، فقد أكد المتحدث أن الثورة التونسية لم تعلوها أي شعارات خاصة بحزب أو تيار معين، بل ثورة قادها شعب من مختلف التيارات وبعيدا عن أي راية لتيار معين، وحملت شعارات إنسانية عامة تتلخص بالتنديد بالظلم والمطالبة بالعدالة، مضيفا أنه لم تكن صورة أي زعيم حاضرة في الشارع التونسي أثناء الثورة فلا يزعم أحد أنه قاد الثورة لأنها ثورة شعب بكل اتجاهاته، وهذا لا يعني أن الأحزاب لم تشارك في الثورة بل كل حزب عارض بن علي، كان مشاركا في الثورة، وإن لم ينزل للشارع تحت رايته الحزبية، ف"حركة 18 أكتوبر ناضلت من أجل الحرية والديمقراطية والمواساة بين الجنسين وفقا للقانون التونسي، وكذا عن علاقة الدين بالدولة، وكلها ممهدات للثورة تونسية". بن علي اضطهد الدين وأنشأ فئات استئصالية أكد ضيف الشروق أن الاضطهاد الذي مورس على التونسيين في عهد الرئيس المخلوع بن علي لم يكن سياسيا فقط بل كان اضطهادا دينيا وهذا ما لم يحدث في أي بلد عربي آخر، مستشهدا بالمثال المصري في هذا الشأن حين ضيّق جمال عبد الناصر الخناق على جماعة الإخوان لكنه فتح فروعا جديدة للأزهر، كالمعاهد والجامعات. وأوضح الغنوشي أن بن علي خلق بسياسته المعادية للإسلام فئات استئصالية تنتهك حرمات الدين، وتدعو للقضاء على التيارات الإسلامية في تونس بحجة الحفاظ أو الخوف من زوال مكاسبهم، مضيفا أنه يتوقع أي شيء منهم مستقبلا، مؤكدا مع ذلك أنه لا خوف على الثورة لأنها ثورة شعب وهو قادر على حمايتها بإذن الله. وأشار المتحدث إلى أنه تم استفزاز الشباب الإسلامي في تونس مؤخرا واستدراج بعضهم من أجل إلقاء التهمة على جملة الإسلاميية وخاصة النهضة على أنهم أعداء حرية التعبير والصحافة. بن علي استخدم فزاعة النموذج الجزائري للقضاء على الدّين
قال الغنوشي في حديثه عن المعارضة التونسية، ونضالها في وجه الرئيس المخلوع، إن هذا الأخير ضرب النهضة باعتبارها المعارضة الأقوى لشل السياسة في الوطن، تحت شعارات براقة، منها استخدامه لفزّاعة النموذج الجزائري مطلع التسعينات والترويج له، لتخويف الشعب التونسي، من مغبة نتائجه، وبهذه الفزاعة استقطب بن علي الأحزاب والتيارات الأخرى التي أيّدته أو دخلت الحزب الحاكم إما انتهازا للوضع، أو تصديقا لشعاراته وتخويفاته، وهي الشعارات التي استقطب بها الآلاف من الجامعيين والمثقفين التونسيين. وأكد الغنوشي أن بن علي وعد المؤيدين له أنه في حال ما إذا تم القضاء على الخطر الأصولي ستوزّع عليهم المغانم، وبهذا الشعار "محاربة الخطر الأصولي" كسب سكوت المؤسسات الغربية تجاه ما ارتكبه من جرائم، غير أن أي جهة طالبت بنصيبها من المغنم بعد ذلك زجّ بها في السجن، فكانت السجون ساحة لقاء المعارضة الفعلي حيث تعرفت على أفكار بعضها وبرامجها، مضيفا أنه "في السجن تم تعرف باقي التيارات على الإسلاميين واكتشفوا أن هؤلاء ليسوا كما صورهم الإعلام الخشبي وصحت عندهم الحكمة القائلة أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض".
قال فيهم الغنوشي
عبد الحميد مهري: مجاهد ومناضل في الصف الأول، على صعيد التيار الإسلامي القومي. عبد المجيد مناصرة: صديق عزيز، وقائد من قادة الحركات الإسلامية. أبوجرة سلطاني: أخ وصديق ومناضل في الصف الاأول، ونتمنى ما حصل بينه وبين إخوانه أن يتم تجاوزه. عبد الله جاب الله: علاقتي به تمتد لأكثر من ربع قرن، ولست مطلعا على الظروف التي أسّس فيها حزبيه السابقين ولا أسباب خروجه منهما، إلا أنه عندي ثقة في نضالية الرجل ودينه ومواقفه المبدئية، وهو مناضل في مستوى الصمود في أوقات الشدّة. الشاذلي بن جديد: حظينا في عهده بحسن الضيافة وعشنا مطمئنين في ظل حكمه. خرجت من تونس لإلقاء محاضرة لمدة 3 أيام إلا أن المدة امتدت 22 سنة *