كشفت مصادر عليمة ل''الخبر''، أن المركز الدولي لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار بواشنطن، باشر تدابير الإسراع في إجراءات تسوية ملف الخلاف بين الجزائر وعدد من الشركات الدولية البترولية، من بينها أناداركو وميرسك. وشهد شهر نوفمبر الجاري جلستين خصصتا للاستماع إلى إيفادات الطرفين، خاصة بعد تقديم الشركات الدولية لوثائق وملفات جديدة في أكتوبر الماضي. وتظل الجزائر معرّضة لاحتمال تسديد تعويضات تصل 3 ملايير دولار للشركات التي أودعت شكاوى، على خلفية تطبيق رسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي. وأوضحت نفس المصادر أنه يرتقب أن تحسم محكمة المنازعات بباريس المرتبطة بالمركز في القضية وتصدر قرارها قبل نهاية السنة الجارية، وأن مساعي جديدة تتم للتفاوض حول صيغة توفيقية بين الجزائر والشركات الأجنبية وإيجاد حل بالتراضي، خاصة أن مصالح كبيرة تربط شركة مثل أناداركو في السوق الجزائري، بل إن نجاح المجموعة الأمريكية المصنفة حاليا سادسة عالميا جاء بفضل السوق الجزائري بدرجة كبيرة. في نفس السياق، كشف المركز الدولي لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار أن شهري أكتوبر ونوفمبر شهدا تسارعا في دراسة الملف، مع تنظيم عدة جلسات استماع وتقديم أدلة جديدة وردود من قبل الجانبين، فقد أودع المدّعي مذكرة جديدة للقبول بأدلة جديدة من قبل المحكمة التي يترأسها القاضي السويسري غابريال كوفمان كوهلر، أعقبها في 13 أكتوبر تقديم الجانب الجزائري لملاحظاته بشأن طلب المدّعي إيداع الأدلة الجديدة. حينها، قررت المحكمة، في 14 أكتوبر، تأجيل جلسة النظر في الأسس الموضوعية لطلب المتخاصمين، لتقوم بعدها، في 19 أكتوبر، بقبول طلب المدّعي وإدراج الأدلة الجديدة في الملف. بعدها، نظمت المحكمة جلسة أولية عبر الهاتف في 25 أكتوبر بين الأطراف المتنازعة، لتصدر قرارا في 28 أكتوبر بالنظر في الوقائع الجديدة، ونظمت يومي 15 و21 نوفمبر الجاري جلستي استماع بمحكمة باريس، هاتين الجلستين سمحتا بطرح كافة الحجج من الطرفين. ويرتقب أن تحسم المحكمة بناء على ما تم تقديمه بشأن الخلاف، في حال عدم توصل الأطراف المعنية إلى اتفاق صلح وفقا للمصالح المتبادلة. ويعتبر النزاع بين أناداركو وميرسك وايني والجزائر من بين الأسباب التي دفعت الشركات الدولية إلى التحفظ والتردد للاستثمار في مجال الاستكشاف، حيث اعتبرت الشركات الدولية أنها ليست محمية من أي تغييرات قانونية تطبق بأثر رجعي، فيما تشدد الجزائر على أحقيتها في فرض القوانين المناسبة للحفاظ على مصالحها ومواردها، حيث قامت الجزائر بفرض الرسم على القيمة الاستثنائية في 2006 في وقت تضاعفت فيه أسعار النفط بصورة كبيرة. ويفرض الرسم حينما يرتفع البرميل فوق 30 دولارا، إلا أن الإشكال الذي طرح أساسا هو في فرض القانون بأثر رجعي، أي أنه أضحى ساريا حتى بالنسبة للعقود القديمة، وهو ما يشكل نقطة ضعف لم تراعه السلطات الجزائرية ومكتب الخبرة والدراسات الأمريكي الذي صاحب العملية قبل اتخاذها، ما يضع الجانب الجزائري في موضع ضعف في هذه النقطة، ويجعلها عرضة لتسديد غرامات وتعويضات، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي.