احتياط الصرف الجزائري المقيد بالأورو يتجاوز 81 مليار دولار حذّر خبراء اقتصاديون من تصدير الأزمة المالية الأوروبية إلى الضفة الجنوبية للمتوسط منها الجزائر، خاصة مع تأكيد مكاتب التنقيط مثل ''موديز'' و''ستاندارز أند بورز'' و''دويتش بنك''، احتمال تخفيض درجة تأمين الديون الفرنسية ابتداء من 2012، وهو أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث للأسواق المالية وللاقتصاد الفرنسي ومعه الايطالي والاسباني. ومع تضرر هذه الدول، فإن التبعات ستتوسع إلى ألمانيا وبلدان مثل الجزائر التي تتعامل مع هذه الدول تجاريا وماليا. يوضح الخبير أرسلان شيخاوي، أن انتقال الأزمة إلى الجزائر وارد، لأن الاقتصاد الجزائري مرتبط بالاقتصاد الأوروبي، وتأثر هذا الأخير سيؤدي إلى انكماش في الاستثمارات وتضخّم في المواد الأساسية المصدّرة، أي ارتفاع أسعارها، مع تراجع قيمة الأورو، إضافة إلى تراجع الطلب على المحروقات، الغاز والبترول وهي في المحصلة تصب في تأثر الجزائر على المدى القصير. في نفس السياق، يعتبر الخبير ودكتور الاقتصاد محجوب بدة، أن تراجع قيمة الأورو وارتفاع نسب الفوائد لدى الإقراض، سيساهم في انخفاض قيمة الودائع والاحتياطات الجزائرية المقيّدة بالأورو والمقدّرة ب45 بالمائة من قيمة الاحتياطات الجزائرية المقدرة حاليا ب180 مليار دولار، أي أن قيمة احتياطات الصرف الجزائرية المقيدة بالعملة الأوروبية ''الأورو'' تقدّر بحوالي 81 مليار دولار، وهي عبارة عن توظيفات مالية في بنوك ومؤسسات مصرفية. ولاحظ محجوب بدة أن تخفيض تقييم البنوك الرئيسية ومنها الفرنسية يؤثر حتما في التوظيفات المالية ومستوى الربحية، وإن كانت الجزائر تعتمد على توظيف حذر دون مراعاة نسبة الفوائد التي تبقى متواضعة بالنسبة لسندات الخزينة. بالمقابل يرى الخبير الاقتصادي الدولي، جورج ميشال، أن سنة 2012 ستشكل نقطة تحول للأزمة في أوروبا، خاصة وأن التوقعات تشير إلى ارتفاع قيمة الديون العمومية الفرنسية إلى قرابة 90 بالمائة من الناتج المحلي الخام، مما يؤكد احتمالات تخفيض تقييم المديونية الفرنسية. وإذا تم ذلك كما تؤكده هيئات التنقيط ما عدا ''فيتش'' لاعتبارات واضحة كونها مرتبطة بفرنسا، على عكس ''موديز'' و''ستاندار أند بورز الأنغلوساكسونية'' وأيضا بنوك الأعمال مثل ''دويتش بنك''، فإن إيطاليا وإسبانيا أيضا سيتم تخفيض تقييمها وهو ما يعني دخول أوروبا في أزمة أعمق تحاول باريس من خلال عملية استباقية تفاديها، خاصة وأنها ستتزامن مع بداية الحملة للرئاسيات الفرنسية. وإذا تأثر الاقتصاد الأوروبي، فإن الجزائر ستتأثر، لأنها مرتبطة بصورة وثيقة بدول الاتحاد الأوروبي. ففي 2011 نجد أن نسبة 60 بالمائة من واردات الجزائر مصدرها أوروبا مقابل أكثر من 55 بالمائة من صادراتنا وما يفوق 70 بالمائة من الصادرات خارج المحروقات الجزائرية تتجه لأوروبا. كما أن نسبة تفوق 55 بالمائة من التدفقات المالية تأتي من أوروبا. وحينما يتأزم الوضع في أوروبا، فإن الوضع سينعكس سلبا على الجزائر، حتى وإن امتلكت هامش ارتفاع أسعار المحروقات الذي يمكن أن يحد من تأثير الأزمة. ولكن الأزمة قائمة، بدليل أن فاتورة الاستيراد هذه السنة ستفوق 45 مليار دولار وهو رقم قياسي نتيجة تضخم أسعار المواد الغذائية ومواد التجهيز. ويمكن أن يكون الوضع أسوأ، خاصة وأن ديون دول الاتحاد الأوروبي فاقت عتبة 13 ألف مليار دولار، أي أكثر من 82 بالمائة من الناتج المحلي الخام وأكثر من 26 ألف دولار من الديون على عاتق كل فرد أوروبي.