تراقب الجزائر عن قرب تسارع الأحداث في أوروبا وإمكانية انتقال عدوى الأزمة المالية إلى دول مثل إيطاليا وإسبانيا بصورة حادة، وعدم استبعاد تأثر فرنسا، وهو احتمال يجعل الجزائر غير بعيدة عن تداعياتها السلبية، خاصة وأن الدول المعنية هي أهم شركاء الجزائر التجاريين والاقتصاديين. تسبب إعلان هيئة التنقيط الدولية ستاندرز أند بورز عن إمكانية تخفيض تقييم الديون والوضع المالي الفرنسي، في بروز مخاوف كبيرة في الساحات المالية الأوروبية من استفحال الأزمة وانتقالها بصورة واضحة إلى إسبانيا وإيطاليا، وهو ما يجعل منطقة الأورو في خطر حقيقي. ورغم محاولات باريس وبرلين في آخر قمة رئاسية بين ساركوزي وميركل، أمس الأول، الاتفاق على إعادة النظر في المواثيق الأوروبية وإنقاذ الأورو، فإن حدة الأزمة المالية الأوروبية بدأت في التفاقم. ويؤكد خبراء المالية أن هذا التفاقم ناتج عن عدم تسوية أي مشكل طرح منذ 2008 أي مع أزمة القروض العقارية، فالدول أخذت على عاتقها الديون التي تحملتها البنوك سابقا، وبالتالي فإنها لم تختف بل تنقلت من البنوك إلى الحكومات وارتفعت قيمتها، لأن هذه الأخيرة اضطرت للاقتراض لتمويل مخططات الإنعاش الاقتصادي والنتيجة مضاعفة الديون في ظرف 4 سنوات بأكثر من 25 بالمائة، وتردد البنوك في إقراض دول مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا إلا بنسب فوائد عالية وضمانات وارتفاع قيمة فوائد السندات إلى أكثر من 7 بالمائة. وتخشى البنوك من انهيار إيطاليا وخسارة فرنسا لقروضها، ما يجعل فرنسا في موقع ضعف، خاصة البنوك التي لن تجد هذه المرة دعما من الدولة، ومع بقاء مشكل الديون، فإن سيناريو الأزمة سيظل قائما. في السياق نفسه لم تقم الدول بخفض عجزها، باستثناء ألمانيا والسويد، ومع تنامي العجز فإنها أمام سيناريو الإفلاس والعجز عن التسديد ولكن أيضا انكماش النمو. وموازاة مع ذلك، فإن سياسات التقشف المعتمدة يمكن أن تساهم في تراجع الإيرادات ولكن أيضا تضرر العديد من الفئات الاجتماعية، مع ارتفاع البطالة وزيادة الضرائب وانخفاض الاستهلاك، وهذا العامل يؤدي إلى انكماش نشاط المؤسسات، لذلك تتردد الدول في اعتماد مخططات جديدة للتقشف. وتخشى دول مثل إيطاليا وفرنسا، حاليا، من تخفيض هيئات التنقيط لتقييمها، لأنه سيدفع المستثمرين إلى تحويل مشاريعهم وترتفع نسب الفوائد لإقراض هذه البلدان، كما تخشى الساحات المالية من إفلاس اليونان وهو ما دفع أوروبا إلى رصد 110 مليار أورو لإنقاذها ومع ذلك بقي العجز فوق 5, 10 بالمائة من الناتج المحلي الخام، ما أجبر الأوروبيين على اعتماد مخطط دعم جديد ب110 مليار أورو، لكن ديون اليونان تجاوزت 327 مليار أورو، جزء منها لدى البنوك الألمانية والفرنسية، وأي إفلاس لأثينا سيجر الاقتصاد الإيطالي، ولكن أيضا الفرنسي إلى الحضيض.