أجلت الغرفة الجزائية بمجلس قضاء الجزائر، أمس، الفصل في قضية المديرية العامة للأمن الوطني وشركة الإعلام الآلي ''أي بي أم''، إلى 19 جانفي المقبل، بعد انسحاب دفاع المتهمين بسبب رفض القاضي التجاوب مع طلب إحضار وثيقة يعتبرها المحامون مفصلية في مسار القضية، تتعلق بتقرير المفتشية العامة للأمن بخصوص الصفقة التي تمت بين جهاز الأمن و''أي بي أم''. فتح القضاء، أمس، مجددا ملف صفقة الإعلام الآلي، بناء على استئناف دفاع المتهمين في الأحكام الثقيلة التي كانت من نصيب الموقوفين الستة، وأبرزهم شعيب ولطاش رئيس برنامج عصرنة جهاز الأمن، والإطارات ال19 الأعضاء في لجنة الصفقات بالمديرية العامة للأمن. وظهر منذ اللحظات الأولى للجلسة التي ترأسها القاضي الطيب هلالي، أن المحامين مصممون على أن يأمر القاضي مديرية الأمن الوطني بتسليمه تقرير المفتشية العامة حول الصفقة، الذي يشاع بأنه يبعد شبهة الفساد عن كل المتهمين. لكن هلالي رفض الانخراط في منطق الدفاع الذي دعاه إلى تقديم الطلب عندما تأخذ جلسة المحاكمة مجراها، إذ قال: ''لقد قدمتم طلبا، فافسحوا لنا المجال لنسمع رد النيابة''. واعتبر المحامي امحند الطيب بلعريف التقرير ''مهما لأنه أساس انطلاق الدعوى العمومية، وحرمان الدفاع من الاطلاع عليه يعتبر مساسا بحقوقه. وقد أنكرت المحكمة الابتدائية علينا هذا الحق''. أما المحامي عبد الحميد رهيوي فقال: ''سيدي القاضي، لديكم كل الصلاحيات لتأمروا بإحضار هذه الوثيقة، وإنني أتساءل عن الجهة التي تحتجزها وتضع نفسها فوق سلطة القضاء''. وسجل غالبية المحامين كون الملف خاليا من أية شكوى ولا أي بلاغ يمكن أن تستند إليه النيابة في تحريك الدعوى. وانسحبت هيئة المحكمة لبضع دقائق للنظر في دفوعات قدمها المحامون، وهي إبطال إجراءات التحقيق الابتدائي للشرطة بسبب غياب جهة شاكية، واتهام وكيل الجمهورية لدى محكمة باب الوادي بإعطاء تعليمات مخالفة للقانون، تتعلق بالتحقيق في قضية دون وجود شكوى. وتتضمن الدفوعات ملاحظة مفادها أن المحققين تجاوزا صلاحياتهم عندما استجوبوا المتهمين بدل الاكتفاء بسماع أقوالهم، زيادة على أنهم استعملوا لغة أجنبية (الفرنسية) في تحرير المحاضر، بينما القانون يمنع ذلك، فضلا عن خلو المحاضر من أسماء المحققين ووظائفهم. وسعى المحامون، من خلال دفوعاتهم، إلى ضرب عصفورين بحجر واحد: إضعاف الاتهام وتبيان أن يدا خفية حركت الملف لها مصلحة مباشرة في تصفية علي تونسي جسديا. وأعلن القاضي هلال، بعد استئناف الجلسة، رفضه دفوعات المحامين الذين قرروا، في تلك اللحظة، الانسحاب جماعيا. وسأل القاضي شعيب ولطاش إن كان يريد مواصلة المحاكمة في غياب محاميه، فقال: ''سأكون أصم وأبكم في هذه الحالة''. وكان رد المتهمين نفس الشيء، فقرر القاضي تأجيل القضية.