بات الحصول على قارورة غاز البوتان مأساة يومية لمئات المصطفين أمام مركز التعبئة والتوزيع ببني سليمان، شرقي المدية، والقادمين من نحو 28 بلدية، ومراكز حضرية كبرى لازالت دون غاز المدينة كمدينتي تابلاط، بني سليمان والعمارية، ووصل التدافع الممتد في طابور يفوق 250 متر حد إعاقة حركة المرور على الطريق الوطني رقم .18 قدر عاملون بمركز تعبئة وتوزيع غاز البوتان بمركز بني سليمان عدد القارورات الموزعة يوميا بنحو 7000 قارورة، بدل قرابة 13000 كانت توزع قبل الشلل الذي فرضته الثلوج على منافذ التموين الرئيسية للمركز بواسطة شاحنات الصهاريج، بما رهن العمال والزبائن، على حد سواء، على مدار 24 ساعة. وتصديا منها لانتهازية الوضعية من قبل المضاربين، فضلت إدارة المركز القيام بعملية البيع والتوزيع المباشر لطالبي الغاز، بدل الاعتماد على الموزعين المعتمدين بالمركز، عدا المؤسسات العمومية، الشيء الذي زاد من الاحتقان في الطوابير الهائلة. ''أشخاص وسيارات على هامش الطريق الوطني، ثلاثة أيام بلياليها ونحن في هذا الطابور، الغاز هنا بالمعريفة. الذي لا يملك سيارة، كيف له أن يتنقل إلى المركز، الأرامل، اليتامى، المعاقون، المحاصرون بين الثلوج، من يسفعهم من الموت بردا بقارورة غاز؟''، يقول محتجون على الطريقة المنتهجة. الإدارة بدورها، نفت أن يكون لها أي تمييز بين الزبائن، وبأنه الحل الوحيد حتى لا تنفلت العملية من بين يدها، وبأن المسألة لا تتعدى في أغلبها حالة بسيكوز، نتاج تواتر أخبار التردي المستمر للأحوال الجوية. من جهتهم واجه عناصر الدرك الوطني، في عمليات للتدخل فكا للحصار الذي ضربته الثلوج بسمك يفوق المتر ونصف المتر، على القرويين بالأعالي الوسطى للمدية، صعوبات جمة في التهدئة وإيصال إعاناتهم ببعض المؤونات إلى سكان قريتي ماسكوني التابعة لبلدية بن شكاو، على هامشي الطريق الوطني رقم واحد، والغرارفة التابعة لبلدية وزرة على الطريق الوطني رقم ,23 حيث صب السكان جام غضبهم على منتخبيهم البلديين، بسبب انسداد المسالك وانقطاع الكهرباء وغياب الغاز والمؤونات عنهم لأزيد من خمسة أيام متوالية، واتهمومهم بالمتاجرة الانتخابية بمعاناتهم مع الثلوج، وبأن بعض تدخلاتهم المحتشمة، كانت حسب الأوعية الانتخابية المساندة سابقا لهم والمعدة لمساندتهم في الاستحقاقات القادمة، فيما أوعز بعض المنتخبين العجز في التدخل إلى غياب الإمكانيات الذاتية لتلك البلديات. وبين هذا وذاك، كشفت الثلوج عن خلل عميق في مواجهة الأزمات، وبأن خمسة أيام من حصارها للقرويين على وجه الخصوص، كانت كافية لإحداث مآس إنسانية من الحجم الفظيع، وعن هشاشة مفلسة في الملايير التي صبت خلال أزيد من عشرية باسم مشاريع التنمية الريفية والجوارية في الريف، والتهيئة العمرانية في التجمعات الحضرية الكبرى.