شهدت الساحة الدبلوماسية أمس نشاطا مكثفا بخصوص الأزمة السورية، حيث التقى مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي عنان بالرئيس السوري بشار الأسد، فيما كان وزراء خارجية الدول العربية يجتمعون مع نظيرهم الروسي في القاهرة. كشف اجتماع الوزراء العرب استمرار اختلاف الرؤى بخصوص حل الأزمة السورية، حيث جدد رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم مطلب بلاده القاضي بإرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا لوضع حد لما أسماه ''طغيان النظام ضد الشعب''، وأكد بن جاسم الذي سلم رئاسة مجلس وزراء الخارجية العرب إلى الكويت أن ''حلول الوسط لم تعد تجدي نفعا مع النظام السوري'' في رده على مداخلة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي أشار في كلمته أمام الوزراء العرب على ضرورة إدانة العنف من كل الأطراف والعمل على وقف إراقة الدماء، الأمر الذي لم يرق للوزير القطري الذي عبّر عن استيائه وطالب بضرورة إدانة النظام السوري، وقد سايرت الدول الخليجية الطرح القطري، على اعتبار أن وزير خارجية السعودية، سعود الفيصل أصر في كلمته على اتهام الفيتو الروسي والصيني، معتبرا أنهما السبب وراء تمادي السلطات السورية في قمع الشعب. وفي السياق وجه الوزير القطري الدعوة للمعارضة السورية من أجل توحيد صفوفها حتى يتسنى للعالم الاعتراف بها ممثلا شرعيا للشعب السوري، فيما أكد رئيس المجلس الوطني السوري أن هيئته تحصلت على ما يلزم من المال، في إشارة إلى قدرتها ولو جزئيا على تسليح المعارضة والاستمرار في الثورة لإسقاط النظام. في هذه الأثناء تباحث المبعوث الأممي، كوفي عنان مع الرئيس بشار الأسد بدمشق في أول زيارة لمسؤول سامي يحظى بدعم وتفويض دولي لإنهاء الأزمة، حيث جدد الأسد استعداد بلاده ''لإنجاح أي جهد صادق لحل ما تشهده سوريا من أحداث''، حسبما أوردته وكالة سانا السورية الرسمية، دون ذكر تفاصيل اللقاء، في تأكيد على أن المبعوث الخاص لسوريا استمع إلى وجهة نظر السورية الرسمية. وكان كوفي عنان قد تباحث قبل زيارته إلى دمشق مع العديد من الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، بدءا بالأمين العام للجامعة العربية، وصولا إلى وزير خارجية روسيا الذي أكد له رفض بلاده لأي نوع من التدخل الأجنبي في سوريا، فيما يرى المراقبون أن وساطة عنان قد تكون الفرصة الأخيرة لإيجاد حل سياسي، في إشارة إلى أن فشل هذه المبادرة قد يؤدي مباشرة إلى عسكرة الثورة السورية، وبالتالي إلى تكريس الحرب الأهلية التي بدأت بوادرها على الأرض. تأتي هذه التوقعات على خلفية تأكيدات الاستخبارات الأمريكية التي استبعدت احتمال حدوث انشقاق في النظام السوري من الداخل، بعدما راهنت القوى الغربية على الانهيار الداخلي، حيث أشار صحيفة ''الواشنطن بوست'' الأمريكية نقلا عن مسؤول في ''سي أي أي'' -لم تورد اسمه- عدم وجود بوادر انشقاق في النظام السوري من طرف شخصيات رفيعة المستوى أو المحيطة بالرئيس الأسد. في الغضون تستمر الأوضاع الميدانية في التأزم، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الجيش السوري كثف من قصفه لكل من حمص وإدلب، في تأكيد على سقوط عدد من الضحايا قال بشأنها رامي عبد الرحمن مدير المرصد أنها تجاوزت 20 قتيلا على أقل تقدير في مناطق متفرقة من سوريا، حيث تستمر الاشتباكات بين الجيش السوري وعناصر من الجيش السوري المنشق عنه.