كشف مختصون ومحققون في قضايا الفساد، أمس، بأن ''البحبوحة المالية أو الوفرة المالية التي تعرفها الجزائر ساهمت في تنامي قضايا وفضائح الفساد''، خصوصا ما تعلق بالصفقات العمومية الخاصة بأهم المشاريع الكبرى في قطاع الأشغال العمومية والري والطاقة. كما أن الشركات متعددة الجنسيات تخصص ''صندوقا أسود'' بملايير الدولارات لتقديم رشاوى وعمولات لتمرير مشاريعها واستثماراتها. أفادت الأستاذة حسان نادية، من كلية الحقوق بجامعة تيزي وزو، بأن ''تفشي الفساد في الدولة يجبر المؤسسات على مسايرته من خلال دفع رشاوى، مما يجعلها تهدر مواردها المالية''، وهو ما يحدث في الجزائر تحديدا. كما أن ''أهم سبب لوجود فساد في القطاع الخاص هو وجوده في القطاع العمومي، من خلال عرقلة إدارية للاستثمار، أي البيروقراطية''. وأضافت المتحدثة، أمس، في مداخلتها في الملتقى الوطني الثاني حول الفساد وآليات معالجته بجامعة محمد خيضر ببسكرة، أنه ''على الرغم من أن الآليات القانونية جاءت لمساعدة المؤسسات على مواجهة هدر مواردها المالية، من خلال دفع الرشاوى للحصول على الصفقات العمومية، إلا أن الفساد لا يزال منتشرا بشكل كبير''. واعترفت المتحدثة بأن ''الفساد تسبب في عرقلة التنمية في الجزائر، خصوصا وأنه أثر بشكل مباشر على الاستثمار الأجنبي''. وصنف تقرير البنك العالمي المسمى ''دوين بزنس''، الخاص بترتيب مناخ الاستثمار ضمن 178 دولة، الجزائر في المرتبة 125، وجاءت تونس قبلها، واحتلت المغرب المرتبة .165 وكشف التقرير بأن مناخ الاستثمار في الجزائر يطبعه طول الإجراءات الإدارية من خلال الوثائق المطلوبة في الاستيراد والتصدير مثلا. وكشفت مداخلات إطارات الدرك الوطني بأن ''الدول المتقدمة تدفع إلى تفشي الفساد في الدول النامية بما فيها الجزائر''، حيث أفاد المقدم كرود عبد الحميد، رئيس خلية الاتصال بقيادة الدرك، بأن ''الشركات متعددة الجنسيات تتوفر على صندوق أسود للمال، هدفه منح الرشاوى والعمولات لتمرير صفقاتها ومشاريعها، التي قد يستغرق الحصول عليها وتمريرها الكثير من الوقت''. وتبرر هذه الشركات ذلك بفضاء المنافسة العالمية بين الشركات، من أجل الظفر بأهم الصفقات التي تقدر بملايير الدولارات.