تشريعيات العاشر ماي ستتم مثلما تمت سابقاتها، وسيختار الجزائريون برلمانهم الجديد مثلما سبق واختاروا برلماناتهم السابقة، وقد تكون أغلبية نواب هذا المجلس من نواب جبهة بلخادم وتجمع أويحيى وتكتل الجزائر الخضراء الذي قد يخلف حمس وينقذ أبو جرة من تداعيات انقسام الحركة وخروج جماعة مناصرة من صفوفها، مثلما قد تحافظ الجبهة الوطنية الجزائرية لموسى تواتي على ترتيبها الثالث في المجلس الشعبي الوطني القادم وتصبح شريكا في الحكومة مع ''الأرندي'' و''الأفالان''، ولا يستبعد أن تستحوذ حركة العدالة والتنمية لجاب الله على عدد معتبر من مقاعد الغرفة الأولى، والأمر ينسحب كذلك على حزب العمال للويزة حنون وجبهة القوى الاشتراكية لحسين آيت أحمد... كل هذه احتمالات واردة ولن تكون مفاجئة إذا ما حصلت بالفعل، وإن كنت لا أتمنى شخصيا أن تفوز جبهة التحرير بالأغلبية، حتى لا ينصب وزير التعليم العالي رشيد حراوبية رئيسا للمجلس المنتخب، لأن حدوث ذلك يؤكد ما سبق وتم تداوله منذ سنوات وليس أشهر من أن حراوبية سيخلف زياري، وهو أمر سيكرس فرضية معرفة الجزائريين المسبقة لنتائج الانتخابات، مثلما كان حاصلا في الماضي، وبالتالي، فإن الانتخابات تصبح غير ذات معنى وإن كانت في حقيقة الأمر كذلك، أي غير ذات معنى. نعود للاحتمالات ونقول إنه يحتمل أن يتشكل البرلمان المرتقب من أكثر من عشرين حزبا وقائمة مستقلة، ولمَ لا ثلاثين أو أربعين حزبا، وهذا احتمال أكثر من وارد في ظل التشتت الذي اكتسح مكونات المجتمع الجزائري العشائرية والقبيلة نتيجة لكثرة المترشحين من العرش الواحد والقبيلة الواحدة والجهة الواحدة، بعد تحرير قانون تأسيس الأحزاب من التجميد الذي رافقه منذ مجيء بوتفليقة إلى الحكم، وليس مهما هنا إن كان البرلمان المنتظر فسيفساء بلا لون ولا طعم ولا رائحة ولا ذوق، ما دامت السلطة تعتبر الأمر تنوعا وديمقراطية تصب في خانة ما تتباهى به من إنجازات، وبطبيعة الحال لا يهمها إن كان عديم الفاعلية مثله مثل مجلس زياري المنتهية ولايته. لكن السؤال الذي يطرح نفسه... ماذا تفعل الجزائر... الجزائر وليس السلطة الحاكمة... ببرلمان هزيل وتعيس كالبرلمان المرتقب وفي هذا الظرف الصعب المفتوح على كل الاحتمالات. يبدو أن السلطة حسبت كل شيء إلا حسابات الإفلاس والفراغ الذي سيتولد حتما عن تشريعيات الشهر الحالي، والخوف كل الخوف أن تحصد أشواكا لم تكن في الحسبان. والسؤال الذي كان يفترض أن يطرح قبل اليوم هو: ماذا بعد العاشر ماي؟ [email protected]