أودع قاضي التحقق بالمحكمة الجزائية المتخصصة لوهران، أول أمس، المدير العام السابق لشركة ''كنوف الجزائر'' المتخصصة في الجبس، رهن الحبس المؤقت في إطار إنابة قضائية صادرة عن العدالة الألمانية التي فتحت تحقيقا في ''قضية رشاوى دولية''. انطلقت القضية عندما شرعت العدالة الألمانية في التحقيق في قضية إعلان أحد فروع المجموعة الدولية للإسمنت ومواد البناء ''كنوف'' التفليسة، حيث اكتشف المحققون أن هذه الشركة قامت بضخ أموال كبيرة في حساب أحد إطاراتها الجزائري الجنسية، دون مبررات تجارية، وامتد التحقيق في عدد من الدول الأوربية التي يملك فيها هذا الإطار عقارات، منها فرنسا التي يملك فيها شقة فاخرة في قلب باريس، ومنه طلبت العدالة الألمانية بتمديد التحقيق حول هذا الشخص في الجزائر، حيث تلقت المديرية العامة للأمن الوطني الجزائري مراسلة في هذا الخصوص من الشرطة الدولية ''أنتربول''، لتفتح العدالة في وهران تحقيقا في القضية، حيث انتقلت الشرطة في البداية إلى بيت أحد المجاهدين المعروفين في وهران للقبض عليه في حي الصديقية، كون اسمه يشبه اسم المعني، حيث أصيب المجاهد بوعكة صحية، قبل أن يتم تحديد إقامة المبحوث عنه. واستغرق التحقيق معه أكثر من أسبوعين، حيث اكتشف المحققون أنه يملك 7 فيلات فاخرة في مدينة تلمسان، وعددا آخر من العقارات في مدينة وهران. وذكرت مصادر مؤكدة أن العدالة الألمانية تبحث في مصير التحويلات المالية التي استفاد منها من الفرع المفلس لشركة كنوف في ألمانيا، ومنها تحويلين بقيمة 200 ألف أورو ومليون أورو. وكان هذا الإطار الجزائري، بصفته ممثلا لشركة الإسمنت ومشتقاته للغرب ''إيركو''، هو الذي قاد المفاوضات سنة 2004 مع الشركة الألمانية في إطار خوصصة شركة الجبس ''صوبلاف''، التي أنجزت المجموعة الألمانية ''كنوف'' مركبها الواقع في بلدية حسيان الطوال بولاية وهران، والذي دخل الخدمة سنة .1978 وفي سنة 2006، تاريخ توقيع عقد الشراكة من طرف مجلس مساهمات الدولة، تم التنازل عن 50 بالمائة من أصول شركة ''سوبلاف''، بمبلغ 8 ملايين أورو، لفائدة كنوف، على أن يملك الشريك الألماني كامل أصولها بعد 42 شهرا، مقابل منح العمال 10 بالمائة من قيمة بيع الشركة. وقد نبه إطارات من الشركة حينها الوزير عبد الحميد طمار أن ''الصفقة'' مجحفة بالنسبة للطرف الجزائري، حيث أنها لم تتطرق إلى قيمة استغلال منجم الجبس الواقع قريبا من مصنع حسيان الطوال، والذي تبلغ صلاحيته 50 سنة كاملة، أي أن الشركة الألمانية استفادت من مادة أولية مجانية لمدة 50 سنة. وبعد توقيع عقد فتح رأس مال شركة ''صوبلاف''، التي تحولت إلى ''كنوف الجزائر''، عينت هذه الأخيرة، المفاوض من الطرف الجزائري، مديرا عاما لها، وقامت الشركة بتوقيف أكثر من 150 عامل خلافا للعقد، دون تعويضهم، حيث لم يتلقوا مستحقاتهم إلا بعد أكثر من خمس سنوات من ''المعارك القضائية''. وجاءت قضية استيراد شركة ''كنوف الجزائر'' لتجهيزات بقيمة 120 ألف أورو، من فرنسا، في إطار تجديد تجهيزات مركب الجبس بحيسان الطوال، وهي التجهيزات التي مرت عبر ميناء وهران، على أساس جمركتها في مخازن المركب، قبل أن يتم جردها على أساس أنها خردة، وهي القضية التي رفعت بشأنها مصالح الجمارك دعوى قضائية، مازالت معلقة أمام المحكمة بوهران. لتأتي قضية التحويلات المالية التي قام بها فرع ''كنوف'' في ألمانيا إلى الإطار الجزائري، لتحدث طوارئ لدى الأمن والعدالة في الجزائر، التي فتحت تحقيقا سريعا أفضى إلى توقيف المبحوث عنه من طرف العدالة الألمانية. ولم تتسرب معلومات كثيرة عن موضوع التحقيق الذي فتحه قاضي التحقيق في القطب الجزائي لوهران، الذي يبحث عن الوجهة التي أخذتها الأموال التي استلمها، باستثناء ذكر الموقوف لثلاثة إطارات سابقة في شركة الإسمنت ومشتقاته، واحد منهم متقاعد، الثاني أستاذ جامعي، والثالث هو المدير العام الحالي لمركب الجبس حسيان الطوال، والذين وضعهم القاضي تحت الرقابة القضائية.