يزعم اليهود والنّصارى أنّ إبراهيم، عليه السّلام، كان يهودياً، والقرآن الكريم يُكذّبهم في ذلك حين يقول في سورة آل عمران: {مَا كَانَ إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكِن كانَ حنيفاً مسلماً وما كان مِن المُشركين} الآية .67 ثمّ يقرّر بعد هذه الآية أنّ المسلمين أولى بإبراهيم، فيقول: {إنّ أولى النّاس بإبراهيم لَلَّذِين اتّبَعوه وهذا النّبيء والّذين آمنوا والله وليُّ المؤمنين} الآية .68 ومادام أنّ إبراهيم، عليه السّلام، كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين، فليس لأيٍّ من اليهود أو النّصارى أو المشركين أيضاً، أن يدّعي ورثته، ولا الولاية على دينه، وهم بعيدون عن عقيدته. والعقيدة هي الوشيجة الأولى الّتي يتلاقى عليها النّاس في الإسلام، حين لا يلتقون على نسب ولا جنس ولا أرض، إذا أنبتت تلك الوشيجة الّتي يتجمَّع عليها أهل الإيمان، فالإنسان في نظر الإسلام إنسان بروحه، بالنّفخة الّتي جعلت منه إنساناً، ومن ثمّ فهو يتلاقى على العقيدة أخصّ خصائص الرُّوح فيه، ولا يلتقي على مثل ما تلتقي عليه البهائم من الأرض والجنس والكلاء والمرعى وما إلى ذلك. والولاية بين فرد وفرد، وبين مجموعة ومجموعة، وبين جيل من النّاس وجيل، لا تركن إلى وشيجة أخرى سوى وشيجة العقيدة، يتلاقى فيها المؤمن والمؤمن والجماعة المسلمة، والجيل المسلم والأجيال المسلمة، من وراء حدود الزّمان والمكان، ومن وراء فواصل الدم والنّسب والقوم والجنس، ويتجمّعون أولياء بالعقيدة وحدها والله من ورائهم وليّ الجميع. ويزعمون كذلك أنّه قد كانت لهم دولة مستقرة طويلة الأمد في فلسطين، وهذا افتراء على التاريخ. فقد جاء في كتاب ''فلسطين والغزو التتاوي الجديد'' كلام لباحثة أمريكية تسمّى بلافانستي، منه قولها: ''العملات النقدية الّتي ترقى في القدم إلى ما قبل آلاف السنين في فلسطين قد اكتشفت، والقبور الّتي خلّفها الّذين عاشوا في عصر موسى وقبل عصر موسى في فلسطين أيضاً قد فتحت، واكتشفت محتوياتها جميعاً، فلم يعثر في جميع هذا الّذي اكتشف على دليل واحد أو إشارة بسيطة تخبرنا عن وجود ما يسمّى بأمّة يهودية أو شعب يهودي في تلك الأيّام مطلقاً، فإنّ كلّ ما يتعلّق بهذه الأمّة المزعومة غير موجود في فلسطين''.