انتهت الحملة الانتخابية في برج بوعريريج، في بعد ثلاثة أسابيع من التنافس بين 45 قائمة حزبية وحرة، احتلت الشارع بملصقاتها، وتبادل المرشحون الاتهامات والشتم أحيانا، وحمل المتدخلون الأحزاب الحاكمة خلال العقود الخمسة السابقة مسؤولية الأزمة الراهنة بكل أبعادها، وتم أيضا إنفاق الملايير من الدينارات لاستمالة الناخبين لفائدة قوائمهم. لم يتردد أغلب المتنافسين في سباق التشريعيات في شراء ذمم الجزائريين بالدقيق والزيت وبطاقات الجزيرة، وحتى أقراص حوليات البكالوريا، تحت شعار التغيير، '' تغيير عهد الرشوة بالرشوة''، على حد تعبير أحد المواطنين. ورغم ذلك، لم تستقطب القوائم ولا رؤساء الأحزاب، بما في ذلك الأحزاب الكبيرة، المواطنين، وأجمع الكل على برودتها وافتقارها للبدائل المترجمة لهموم المواطنين في الجزائر العميقة. ولعل أهم ما لفت الانتباه خلال الحملة، انقسامها إلى ثلاثة اتجاهات، الأول قاده أغلب رؤساء الأحزاب المنادين بالتغيير و''معاقبة الأحزاب المتسببة في الأزمة خلال العقود الخمسة للاستقلال''، بينما اعتمد الباقون على كيل الوعود بإخراج الجزائر من محنتها بخاتم سليمان، أما الصنف الثالث فكانت وسيلته العزف على وتر الفقر والبطالة، بتوزيع المواد الغذائية، والوعد بالتوظيف، والتكفل بالمرضى، والتمكين من السكن الاجتماعي. وتشترك أغلب القوائم في الاعتماد على الشكارة بمفهومها الواسع، حتى أن بعض المحيطين برؤساء القوائم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا على المرشحين من صدمات ما بعد العاشر من ماي، بينما تبقى بعض الأصوات، التي تقدم الأفكار وتدافع عن مرجعيات ثقافية واقتصادية يتيمة، وسط الضجيج وتجاهل الشارع الذي لم يعد يؤمن إلا بالملموس. ولم تخل الحملة من نقد وسائل الإعلام التي تخلت عن القوائم الحرة ولم تعطها حقها في التغطية، حسب بعض المترشحين، ليذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك بتوجيه تهمة مساندة أحزاب معينة، أو إهمال البرامج البديلة خلال الحملة. ويبقى منظر الواجهات المشوهة بالملصقات، انعكاسا لصراع تحت شعار كبير، إنقاذ الجزائر، بنفس الآلات الموسيقية القديمة، لأوركسترا أغلبية عازفيها من ذات الفرقة الموسيقية، مع تبادل الآلات فقط بينهم. وستكون لنسبة المشاركة الكلمة الأخيرة في نجاح السنفونية أو فشلها، بما أن الجميع دعا للمشاركة وحسن الاختيار.