وصف رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''ندى''، عبد الرحمن عرعار، وضعية الطفل الجزائري بأنها لا تزال تراوح مكانها وتحتاج إلى اهتمام خاص وجاد من جانب كافة فعاليات ومكونات المجتمع، مشيرا إلى أنه رغم حملات التوعية والتحذير، إلا أن أرقام الشبكة تشير إلى أن 1105 طفل تعرض للعنف منذ بداية السنة الجارية على المستوى الوطني، عشية الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، أي مايعادل عشرة أطفال يوميا. أوضح عرعار بأن وضعية الطفل الجزائري ستكون محل نقاش أمام اللجنة الدولية لحقوق الطفل بجنيف بتاريخ 8 جوان المقبل، حيث ستعرض مختلف المشاكل التي يعاني منها، ولاسيما أولئك الذين يولدون خارج إطار الزواج، وعددهم 3000 طفل سنويا، إلى جانب ظاهرة الاختطاف المدني للأطفال، ثمرة الزواج المختلط، والتي تعرف هي الأخرى تناميا كبيرا، بتسجيل 15 حالة خلال نفس الفترة، خاصة في ظل صعوبة تنفيذ القرارات القضائية للمحاكم الجزائرية، لأنها، حسب محدثنا، غير معترف بها على الصعيد الدولي بسبب عدم وجود اتفاقيات ثنائية فيما يخص تنفيذ القرارات. كما أكد عرعار بأن استعمال العنف ضد الأطفال تفاقم في السنوات الأخيرة خاصة في غياب مبدأ الحماية، مقابل عدم التعامل مع الظاهرة بشكل جيد، بحكم أنها من الطابوهات، على غرار العنف الجنسي، بتسجيل 122 حالة، ما جعل العائلات قلقة جدا على أبنائها وترافقهم إلى أي مكان. وروى في السياق قصة عائلة وضعت الثقة في سائقها الخاص الذي كان يتولى مهمة نقل ابنتها التي لم يتجاوز سنها 7 سنوات إلى المدرسة، إلا أنه لم يحفظ الأمانة واعتدى عليها جنسيا. وتحدث عرعار أيضا عن معاناة فئة الأطفال الذين يوضعون في إطار الكفالة، إذ غالبا ما يفرّ الأطفال من البيت بمجرد معرفة الحقيقة، أو بسبب نزاع داخل العائلة الكفيلة، مشيرا في هذا الإطار إلى أن الطفل المتكفل به، لا يتابع ميدانيا، ما يجعله معرّضا لمختلف الآفات الاجتماعية، في ظل غياب إطار قانوني وجهل العائلات الكفيلة بالنصوص التشريعية حول الكفالة. مجرم وعامل صغير ذكر رئيس شبكة ندى، أن الطفل الجزائري أصبح يستغل أيضا في جرائم تهريب السلع عبر الحدود، خاصة بعد تأزم الوضع الأمني في الدول المجاورة. وفي هذا السياق، كشف تقرير أحيط بسرية تامة أشرفت على إعداده مصالح رسمية مشتركة تابعة لعديد الإدارات، عن تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم ال16سنة بسيدي بلعباس منذ سنوات، الأمر الذي استدعى تدخل أكثر من هيئة رسمية، في محاولة لوضع حد للاستغلال المفرط لهذه البراعم التي دفع بها العوز والفقر إلى الالتحاق بمناصب شغل مؤقتة مقابل أجور زهيدة جدا بعدما شملها التسرب المدرسي. وكانت عملية الإحصاء قد مست شريحة الأطفال المستغلة على مستوى محلات الخواص دون غيرها، حيث تبين انتشار الظاهرة على وجه التحديد بمحلات الأكل السريع، المقاهي والمطاعم المتناثرة عبر مختلف محاور عاصمة الولاية ''حيث تستغل البراعم أبشع استغلال بحكم تكليفها بأشغال تفوق طاقاتها البدنية ومستواها العمري''، تقول مصادرنا. وتظهر الأرقام مدى انتشار هذا النوع من الاستغلال، إذ تم كشف استغلال خواص ل39 طفلا لا تتجاوز أعمارهم ال14 سنة طيلة سنة 2011، في الوقت الذي بلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين تم إحصاؤهم خلال العملية ال69 طفلا، الأمر الذي دفع بالسلطات الولائية إلى اتخاذ كافة الإجراءات من أجل وضع حد للظاهرة، بدءا من الأشهر الأولى من سنة 2012 تخوفا من تفاقمها في مدينة لا يتعدى التعداد السكاني فيها 270 ألف نسمة. 160 قضية تحريض على الدعارة في 2011 وكانت المعطيات الميدانية قد أشارت إلى أن الأرقام المعلن عنها أقل بكثير من حقيقة الوضع السائد بمدينة سيدي بلعباس بحكم عدم شمولية التقرير وحصر القائمين على إعداد إحصاءاتهم على المحلات ذات النشاط المتواصل. ويحتل الأطفال العديد من أرصفة الشوارع بالأسواق الشعبية للمدينة، كما يمتهن العديد منهم جمع بقايا البلاستيك، والخبز اليابس ناهيك عن أولئك الذين يطرقون أبواب البيوت يوميا بحثا عن الأغراض القديمة لإعادة تصليحها قبل إعادة بيعها في الأسواق. من جانب آخر، تشير أرقام قيادة الدرك الوطني إلى تنامي العنف لدى الفئات الصغرى والأحداث. وحسب نفس المصدر، فإن الأطفال الموقوفين والمتورطين في قضايا العنف ضد الأطفال والكبار، هم أيضا ضحايا يتطلب البحث عن علاج ناجع لظروفهم. وفي السياق، تعكس إحصاءات الدرك الوطني في مجال جنوح الأحداث لسنة 2011، أرقاما تكشف تورّط العديد من الأطفال في أعمال عنف كثيرة عبر ولايات الوطن، وذلك ب351 قضية؛ أغلبهم كانوا ضحية التحريض على الفسق والدعارة ب160 قضية، يليها الضرب والجرح العمدي ب133 قضية، و27 قضية تخص أطفالا تمّ استغلالهم من طرف عصابات السرقة واللصوصية. وحول ترتيب الولايات والمناطق التي تنتشر فيها الظاهرة، تشير تقارير الدرك الوطني إلى احتلال ولاية ميلة المرتبة الأولى ب83 قضية، تليها الجزائر العاصمة ب72 قضية ثم باتنة ب23 قضية.