الأكيد أن مصر الشقيقة بدأت الآن مرحلتها الانتخابية الفعلية مع انتخاب أول رئيس للجمهورية من خارج منظومة الحكم، ومن خارج العسكر تحديدا.. وستستمر المرحلة الانتخابية هذه أربع سنوات، على أقل تقدير، وهي المدة التي يقضيها الرئيس مرسي على رأس البلاد، إذ قدر له ذلك! الرئيس الجديد سينكب، في 4 سنوات القادمة، على مغالبة جهاز الدولة المليء بما يسميه الإخوان ببقايا النظام، سيهادن حيث المهادنة واجبة، ويراوغ حيث المرواغة ممكنة، وينصاع حيث الضغط يكون كبيرا، ويقرر حيث يكون القرار سهلا، وبلا مشاكل. لا ينتظر من مرسي أن يحل مشاكل مصر الاقتصادية في السنوات الأربع القادمة، لأنه لا يملك لا الإمكانيات ولا الوسائل ولا الأجهزة التي تساعد على ذلك، ولا حتى البرامج الصحيحة والمدققة، التي يمكن أن يعتمدها. سيبقى مرسي رهينة لعاملين اثنين.. انتخابه بأغلبية بسيطة، واقتصاره لآلة تسيير كبرى تصطف خلفه في المعركة. فالرئيس الجديد لمصر ليس في حوزته من الشعبية أكثر من مليون صوت عن الذي قيل إنه بقايا النظام! ومعنى هذا الكلام أن بقايا النظام في أجهزة الدولة والمجتمع قوية، بما لا يدع مجالا لأي شعبية طاغية يمكن أن تستخدم في محاصرة معرقلات الإخوان. العام الأول سيغرق مرسي فيه، وفي ملفات استكمال بناء المؤسسات الدستورية للبلاد، من الدستور إلى إعادة انتخاب البرلمان إلى تنظيف الدولة مما يسميه الإسلاميون بالفلول، وهي عملية صعبة ومعقدة، وتثير مشاكل وجدالات وخصومات، لاشك في أن الرئيس الجديد سيتأثر بها، ربما بالقدر الذي يؤثر فيها. في هذا العام، والعام الذي يليه، سيحاول مرسي إعادة مد الجسور نحو العرب.. هذه الجسور التي قطعها مبارك، وقطعتها الثورة أكثر من مبارك، بالتقوقع على مشاكل مصر ما بعد الثورة. ومن هنا لن يكون مرسي أردوغان مصر، بل سيكون أربكان تركيا! لكن في جميع الحالات فإن مصر قد أرست قواعد حكم أساسه السيادة للشعب، ويمارسها عن طريق منتخبيه بالصندوق، ولا يمكن أن تعود مصر وشعب مصر عن هذه المكاسب.