يختتم، اليوم، البرلمان، بغرفتيه السفلى والعليا، الدورة الربيعية التي سيسدل الستار عليها، مثلما بدأت بجدول أعمال خالي من مشاريع القوانين. وسيخلد النواب إلى فترة راحة تستمر إلى غاية 2 سبتمبر المقبل، بالرغم من أن نواب المجلس الشعبي الوطني لم يمر عن تواجدهم في الهيئة التشريعية سوى أقل من 45 يوما. لم ''يسخّن'' نواب المجلس الشعبي الوطني ''كراسيهم'' الجديدة، حتى دُعوا للذهاب إلى عطلة طويلة عريضة، دون أن يتسنى لهم حتى التعرف على أروقة ومكاتب الهيئة التشريعية أو التدرب على كيفية تشريح مشاريع القوانين ودراستها، وهو ما يعني أن العمل التشريعي ظل ''معطلا'' منذ مارس الفارط، وإلى غاية شهر سبتمبر المقبل تاريخ استئناف الدورة الخريفية. ورغم أن تركيبة هيئة العربي ولد خليفة جديدة، حيث انتُخبت يوم 10 ماي الفارط، وهو ما يفترض أنها تحمل ديناميكية ودم جديد، إلا أن انطلاقتها بدأت خاطئة ومتعثرة، إذ زيادة على فقدان أحزاب المعارضة شهية المشاركة في هياكل المجلس الشعبي الوطني، التي اقتصر التمثيل فيها على حزبي السلطة، الأفالان والأرندي، بمعية الأحرار، فإن استمرار الفريق الحكومي في عمله، دون لجوء رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة جديدة وفقا لنتائج التشريعيات، قد زاد من تأزيم وتعقيد وضعية البرلمان، الذي أُدخل إلى ''الثلاجة'' بمجرد انتخابه، وربما لامتصاص ما بداخل نوابه من حرارة. عدم تشكيل حكومة جديدة يعني أن البرلمان لن يكون له شرف التلذذ بتطبيق المادة 80 من الدستور، التي تنص على أن ''يقدّم الوزير الأول مخطط عمله إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه. ويجري المجلس الشعبي الوطني لهذا الغرض مناقشة عامة. ويمكن للوزير الأول أن يكيّف مخطط العمل هذا، على ضوء هذه المناقشة، بالتشاور مع رئيس الجمهورية. لكن أمام غياب مخطط عمل للحكومة، التي لم تتغير أصلا، فإن المجلس الشعبي الوطني وجد نفسه يفقد إحدى صلاحياته الدستورية في ممارسة الرقابة على الجهاز التنفيذي، إذ تعد المادة 80 من الدستور ملزمة من ناحيتين، الأولى وهي دستورية، بحكم أن ''البرلمان يراقب عمل الحكومة وفقا للشروط المحددة في المواد 80 و84 و133 و134 من الدستور''، والناحية الثانية، وهي إجرائية وأخلاقية، باعتبار أن المجلس الشعبي الوطني تم انتخابه حديثا. لكن الذي حصل أن الحكومة باشرت اجتماعاتها بعد الانتخابات التشريعية، دون المرور على المجلس الشعبي الوطني لتقديم مخطط العمل ونيل الثقة، وفي ذلك أكثر من رسالة سياسية على أن المجلس الجديد، مثل سابقه، لا حكم له على الجهاز التنفيذي. يحدث هذا رغم أن الدستور منح للهيئة التشريعية 40 مادة في الدستور كصلاحيات، في حين لا تتوفر السلطة التنفيذية سوى على 28 مادة، ومع ذلك ينزعج النواب عندما يقال بأن البرلمان مجرد ''غرفة تسجيل'' لبريد الحكومة. وتكون الأغلبية التي يحوز عليها الأفالان، بموجب التشريعيات الأخيرة، قد انعكست سلبا، وكانت وراء تعثر انطلاقة البرلمان، خصوصا وأن حزب الأغلبية يعاني من انشقاقات داخلية.