أعدت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرا حول واقع حرية الإعلام بعد مرور خمسين سنة من الاستقلال، ووصفته ب''الوضع المقلق'' و''الهش''، مشيرة إلى أن استقلالية وسائل الإعلام لم تصبح حقيقة واقعة بعد مرور خمسين عاماً، وذهبت إلى أنه ''ليس من السهل أن يكون المرء صحافياً مستقلاً اليوم في الجزائر''.. في هذا البلد الذي يتآكله الفساد والمحسوبية. أفادت منظمة مراسلون بلا حدود في تقرير نشر على موقعها بالأنترنت وموقع الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير ''أيفكس''، بأن عناصر الجيش وإدارة الاستخبارات والأمن يسطون بهيبتهم في الجزائر العاصمة، أين تحظى أسر التحرير العاملة لديها بالحماية، وهو ''وضع يختلف كلما ابتعدنا عن العاصمة، نظرا لتراجع مستوى الحماية الموفرة'' يقول نص التقرير، الذي رفض تشبيه وضع الواقع الجزائري بذلك الذي كان سائدا في تونس إبان حكم بن علي، إلا أن معدي التقرير لفتوا إلى ما وصفوه ''بممارسات بعض النافذين المحليين قد يعرض الصحافيين لمضايقات إدارية وقضائية جمة''. ونبّه التقرير إلى خضوع الصحافيين وإدارات الصحف باستمرار لضغوط اقتصادية وقضائية وأخلاقية ومادية، فضلا عما يعانيه أصحاب مهنة المتاعب من مشاكل تقنية تتعلق بالتوزيع والطباعة. ووصف التقرير ''التعددية والاستقلالية الإعلامية في الجزائر'' ب''الظاهرية''، حيث استدل معدو هذا التقرير بنموذج لشارع ديدوش مراد بالعاصمة، أين تتوفر الأكشاك على عدد كبير من العناوين الإعلامية، مما يوحي حسب نص التقرير، أن البلاد تنعم بحرية حقيقة، إلا أن الواقع خلاف ذلك. وبرّر معدو التقرير حكمهم هذا، بأن الأكشاك المتواجدة في العاصمة تغص بحوالي 80 صحيفة يومية معظمها تصدر باللغة العربية، إلا أنه يتعذر بناء على ذلك قياس وضع الصحافة وبشكل أعم وسائل الإعلام وحرية التعبير، استنادا إلى عدد الصحف المتواجدة في نقاط البيع، فضلا عن أن المنشورات الصادرة تصدر عن رجال الأعمال وترتبط بمصالح الدولة وأجهزة المخابرات، وهو ما دلل عليه تقرير مقرر الأممالمتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير الصادر في جوان الفارط يقول نص التقرير. وأشار نص التقرير إلى ما تعانيه الصحف المستقلة منذ تسعينيات القرن الماضي، من الممارسات الاحتكارية، خاصة في مجالي الطباعة والتوزيع. واتهم معدو التقرير الدولة بأنها تتخذ قرارات تعسفية بشأن الطباعة والتوزيع. وذكر التقرير أن الإشهار تحول إلى وسيلة سهلة تمكن الدولة من الخنق الاقتصادي للصحف ذات المحتوى الناقد، إلى جانب ''الإصلاحات الضريبية'' التي وصفت بالسلاح المروع، أو ''سيف ديموقليس'' الذي يسقط على أعناق أسر التحرير حسب رأي معدي التقرير. وفي موضوع الانفتاح على المجال المسموع والمرئي، طالب معدو التقرير ب''اليقظة المطلوبة'' تجاه القنوات الجديدة الممولة برؤوس أموال خاصة مملوكة بدورها من رجال أعمال نافذين مقربين من الأوساط السياسية والعسكرية، وهذا لوضع حد لاحتكار القطاع الإعلامي المرئي والمسموع، وطالب بأن يكون هذا الانفتاح تعزيزا للتعددية الإعلامية في الجزائر. ورغم أن التقرير في بداياته أشار إلى أن امتهان الصحافة اليوم في الجزائر بات أقل خطورة، مقارنة بسنوات العشرية السوداء التي قتل فيها ما يقارب 100 صحفي، إلا أنه اعتبر أن وضع الصحافة في الجزائر بات أكثر تعقيدا.