قرر وزراء خارجية بلدان المغرب العربي عقد ثلاثة اجتماعات لمجالس وزارية في ثلاث عواصم مختلفة، تحضيرا لقمة الرؤساء المقررة في تونس قبل نهاية العام الجاري، قمة لوزراء الداخلية بالمغرب وثانية للشؤون القانونية والقضائية بليبيا وثالثة للشباب والرياضة بتونس، ويأتي توسيع قاعدة التحضيرات قبل قمة الرؤساء، قياسا لحجم الملفات العالقة التي لم يجر التباحث المشترك فيها منذ سنوات. وأعطى وزراء الخارجية لبلدان المغرب العربي، الذين اجتمعوا في الجزائر، أول أمس، انطباعا أن عرض الملفات الخلافية في الجلسة المغلقة التي استغرقت إلى ساعة متأخرة ''لا يفسد للود قضية'' في مسار ''إعادة بناء وتقويم'' الاتحاد المغاربي، وكان وزير الخارجية الليبي قد طرح أمام نظرائه مساعي بلاده في تسلّم ''أزلام'' النظام السابق، بينما أعادت الجزائر والمغرب التأكيد على أن نزاع الصحراء الغربية ''جرى الاتفاق أن تتولاه الأممالمتحدة''، وقال سعد الدين العثماني إن الطرفين اتفقا على أن قضية الصحراء الغربية ''تتابع من طرف الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي ومجلس الأمن ونحن نتفرغ ونعمل لتطوير العلاقات الثنائية ولبناء المغرب العربي باعتباره ضرورة آنية مستعجلة''. وأوصى الاجتماع في البيان الختامي بعقد اجتماعات المجالس الوزارية المغاربية للداخلية بالمغرب والشؤون القانونية والقضائية بليبيا والشباب والرياضة بتونس في دورة خاصة بإشكالية الأمن، تمهيدا لعقد مؤتمر القمة المغاربية القادمة المزمع تنظيمها في تونس قبل نهاية السنة الجارية، وفي حال عقد الاجتماعات الثلاثة تكون التحضيرات لقمة الرؤساء في تونس قد استهلكت خمسة لقاءات تحضيرية كاملة، منذ أول لقاء احتضنته الرباط في فيفري الماضي، ما يعكس حجم الملفات العالقة نتاج سنوات طويلة من جمود الاتحاد المغاربي. كما أوصى البيان الختامي بعقد اجتماع لوزراء الشؤون الدينية للدول المغاربية بموريتانيا لإبراز صورة الإسلام السني، والنظر في مسألة التحصين الفكري والثقافي للمجتمعات المغاربية، مع العمل على التنسيق بين المؤسسات الدينية والعلمية الحاضنة للإسلام المعتدل، ويعتقد أن هذه الفكرة طرحتها الجزائر، بحكم فكرة شبيهة تروج لها منذ سنوات داخل الاتحاد الإفريقي. كما أكد المجلس على دعم وتعزيز الهياكل والآليات القائمة المختصة بالتعاون الأمني والاعتماد عليها كإطار في بلورة إستراتيجيات التعاون الأمني. وتقررت مشاركة دول المغرب العربي في المؤتمر المقبل حول الشراكة والأمن والتنمية في منطقة الساحل ''الجزائر ''2، وهو مؤتمر قد يعقد في سبتمبر المقبل، أي بعد مرور عام على أول مؤتمر، وتشارك فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وبلدان عربية. حيث أكد وزراء الشؤون الخارجية على ضرورة مكافحة المخاطر التي تهدد المنطقة المغاربية في إطار ''مقاربة متكاملة ومندمجة ومنسقة'' بين دول الاتحاد، وأن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والأسلحة والهجرة غير الشرعية ''تكون أكثر نجاعة إذا اعتمدت على مقاربة متكاملة ومندمجة ووقائية ومنسقة بين دول الاتحاد، وهذا ضمن إستراتيجية شمولية تدمج كذلك البعد التنموي المقرون بالروح التضامنية والبعد الديني والثقافي والتربوي المستند إلى مبادئ الاعتدال والوسطية''. وأكد المجلس على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في مالي ''بما يضمن وحدته الترابية ويجنبه التدخل العسكري، مشددا على أهمية توظيف كل فضاءات الحوار والتفاوض المتاحة''، ويعتبر توافق الدول المغاربية في هذه النقطة ميلاد تكتل مواز لتكتل دول غرب إفريقيا التي تنسق من أجل فرض الحل العسكري في مالي. وقال وزير الخارجية، مراد مدلسي، إن هناك ''حظوظا كبيرة'' للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في مالي. وذكر أنه ''بعد الاطلاع الدقيق على الأوضاع التي تسود في هذا البلد (مالي) في الأسابيع الأخيرة، استنتجنا بأنه أمامنا حظوظ كبيرة لحل سياسي لهذه الأزمة''، مشيرا إلى أن الحل السياسي هو ''قناعة مغاربية مشتركة''.