الإيثَار لغةً مصدر مِن آثر يُؤْثِر إيثَارًا، بمعنى التَّقديم والاختيار والاختصاص. واصطلاحًا، الإيثَار أن يقدِّم غيره على نفسه في النَّفع له والدَّفع عنه، وهو النِّهاية في الأخوة. ويعتبر الإيثَار مِن محاسن الأخلاق الإسلاميَّة، فهو مرتبة راقية مِن مراتب البذل، ومنزلة عظيمة مِن منازل العطاء. لذا، أثنى الله على أصحابه، ومدح المتحلِّين به، وبيَّن أنَّهم المفلحون في الدُّنْيا والآخرة. قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} الحشر 9. وعن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: ''إنَّ الأشعريِّين إذا أرملوا في الغزو أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة، فهم منِّي، وأنا منهم''. وللإيثَار فوائد عظيمة وثمار جليلة، يجنيها أصحاب هذا الخُلُق العظيم، منها أنّه طريق إلى محبَّة الله تبارك وتعالى والتعرُّض لمحبَّته. وأنَّ التَّحلِّي بهذا الخُلُق فيه اقتداءٌ بالحبيب محمَّد صلّى الله عليه وسلّم. كما يقود المرء إلى غيره مِن الأخلاق الحسنة والخِلال الحميدة، كالرَّحمة وحبِّ الغير والسَّعي لنفع النَّاس.