كان منهم (اليهود) مَن سار إلى خيبر ومنهم مَن سار إلى الشام. وكانت أموال بني النضير فيئا خالصاً لله والرّسول، لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فقسّمَها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المهاجرين خاصة دون الأنصار عدَا رجلين من الأنصار فقيرين هما سهل بن حنيف وأبو دجانة سماك بن خرشة وذلك أنّ المهاجرين لم يكن لهم مال بعد الّذي تركوه في مكة وتجرّدوا منه كلّه لعقيدتهم، وكان الأنصار قد أنزلوهم دورهم وشاركوهم مالهم في أريحية عالية وأخوة فائقة وإيثار عجيب. فلمّا واتت هذه الفرصة، سارع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لإقامة الأوضاع الطبيعية في المجتمع الإسلامي كي يكون للفقراء مال خاص وكي لا يكون المال متداولاً في الأغنياء وحدهم. وتكلّم في أموال بني النضير بعض مَن تكلّم والرّاجح أنّهم من المنافقين فأنزل الله تعالى ليحسم الموقف ولينهي الخلاف: {وَمَا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ ولَكِنَ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللهُ عَلى كلِّ شيءٍ قديرٌ} الحشر: .06 وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للأنصار: ''إن شئتم قسّمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة''. فقالت الأنصار: ''بل نقسم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها''. وفي هذا نزل قوله تعالى: {لِلْفُقَراء الْمُهاجرين الّذين أُخْرِجُوا مِن ديارِهِم وَأمْوَالِهم يَبْتَغُون فضْلاً مِنَ الله ورضواناً، ويَنْصُرُون اللهَ ورَسُولَه أولَئِكَ هُم الصّادقون. والّذين تَبَوَّأوا الدَّارَ وَالإيمَان مِن قَبْلِهِم يُحِبُّون مَن هَاجَرَ إلَيْهِم وَلاَ يَجِدُون فِي صُدُورِهم حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا، ويُوثِرُون على أنْفُسِهِم وَلَوْ كَانَ بِهِم خَصَاصة، ومَن يُوقَ شُحَّ نفْسِه فأولئِكَ هُم الْمُفْلِحون} الحشر: 8 .9 وهل كان ردّ المسلمين على اعتداء الصهاينة ومَن هو على شاكلتهم على هذا النّحو وعلى هذه المنهجية النّبويّة؟؟ وما اعتدوا علينا إلاّ بعد أن اعتدينا بأنفسنا على عقيدتنا ومقدساتنا فاضمحلت قوانَا وتلاشت صفوفنا وأصبحنا كثرة أذلة لا قلة قوية، غُثاء كغُثاء السَّيْل ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.