يقول الله عزّ وجلّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''الدعاء هو العبادة'' رواه ابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح. الدعاء هو العبادة كما قال النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، والعبادة هي التذلّل والخضوع، والدعاء إظهار فقر وحاجة وتذلك من العبد الفقير إلى الله عزّ وجلّ، القادر على جلب جميع المنافع ودفع جميع المضار، وهو سبب للإجابة مع استكمال شروطه وانتفاء موانعه. لذلك، لابد للدّاعي من معرفة شروط قبول الدعاء لتحقيقها، ومعرفة موانع قبول الدعاء لاجتنابها، حتّى يكون دعاؤه مقبولاً محقّقاً عند الله سبحانه وتعالى. ولأنّنا في شهر رمضان المبارك، وهو شهر الصّيام، والصّيام من الأعمال الّتي تجعل دعاء المتعبّد به أدعى للقبول، والدليل على ذلك ورود آية من الآيات الّتي تحدثت عن الدعاء بين آيات الصّيام، وذلك في قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون} البقرة .186 قال الحافظ ابن كثير في تفسيره منبّهًا على هذا المعنى: (ومن ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخلّلة بين أحكام الصّيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كلّ فطر). وذكر ابن كثير ثلاثة أحاديث في قبول دعاء الصّائم: حديث ''للصّائم عند إفطاره دعوة مستجابة'' رواه أبو داود، وحديث: ''إنّ للصّائم عند فطره دعوة ما ترد'' رواه ابن ماجه، وحديث: ''ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم...'' رواه أحمد والترمذي. وللدعاء فضائلُ وآداب، منها: أنّه طاعةٌ لله وامتثال لأمره، قال الله عزّ وجلّ: {وقال ربُّكم ادعوني أسْتَجِب لكم}، وأنّه أكرمُ شيءٍ على الله، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء'' رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه والترمذي والحاكم. وهو سبب لدفع غضب الله، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه'' أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه. كما أنّه سبب لانشراح الصدر وتفريج الهمّ، وزوال الغم وتيسير الأمور. ومن فضائله أنّ ثمرته مضمونة بإذن الله، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من أحد يدعو بدعاء إلاّ آتاه الله ما سأل، أو كفّ عنه من سوء مثلَه، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم'' رواه أحمد والترمذي. وأنّه سبب لدفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا يغنى حذرٌ من قدرٍ، وإنّ الدعاءَ ينفع ممّا نزل وممّا لم ينزل، وإنّ الدعاء ليلقى البلاءَ فيعتلجان إلى يوم القيامة'' أخرجه الطبراني وقال الحاكم صحيح الإسناد. ومعنى يعتلجان أي: يتصارعان ويتدافعان. كما للدعاء آداب يحسن توافرها كي يكون كاملاً، ومنها: الثناءُ على الله قبل الدعاء، والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والإقرارُ بالذنب، والاعترافُ بالخطيئة، والتضرّعُ، والخشوعُ، والرّغبةُ، والرّهبةُ، والجزمُ في الدعاءِ، والعزمُ في المسألة، والإلحاحُ بالدعاء، والدعاءُ في كلّ الأحوال، والدعاءُ ثلاثاً، واستقبالُ القبلة، ورفعُ الأيدي، والسِّواكُ، والوضوءُ، واختيارُ الاسم المناسبِ أو الصفةِ المناسبةِ كأن يقول: يا رحمن ارحمني، برحمتك أستغيث.