''النظام الذي يعجز عن توفير النور في البلاد التي يسيرها، لن يستطيع توفير الديمقراطية ولا إسعاد الناس. إن هذا النظام وجد لإتعاس الجزائريين''. سمعت هذا الكلام من صديق يعيش بقسنطينة معبرا عن شعوره العميق بالبؤس بسبب انقطاع تيار الكهرباء عن كامل قسنطينة ولمدة ثلاثة أيام. أيام عسيرة عاشها سكان سيرتا التي سجل بها هذا العام ارتفاع قياسي لدرجة الحرارة. يتساءل المواطن البسيط كيف لبلد نفطي يكتنز 200 مليار دولار في خزائنه، لا يوفر المسؤولون به ما يلزم من عتاد وتجهيزات لمواجهة ضغط استعمال الكهرباء في فصل صيف؟ لماذا لا تعرف السعودية والكويت والإمارات، الانقطاعات في الكهرباء وهي دول نفطية مثل الجزائر؟ هل يعقل أن يقال للمواطن في هذه البلدان لا يحق لك أن تستعمل أكثر من مكيف واحد في بيتك وأن تضعه في مستوى درجة برودة معينة؟ هل مستساغ في مثل هذه البلدان، أن يتملص مسؤول الجهة المكلفة بتوزيع الطاقة على المواطنين، من مسؤوليته عندما تنقطع الكهرباء وما يسببه ذلك من معيشة ضنكة للملايين من البشر؟ ولا داعي للذهاب إلى دول الخليج، هل تنقطع الكهرباء عن إقامات الوزراء والمسؤولين المدنيين والعسكريين في نادي الصنوبر؟ هل كان يقبل هؤلاء بحرمانهم من ''الضو''؟ وبدل أن يخرج وزير الطاقة إلى المواطنين ليشرح أسباب انقطاع الكهرباء منذ بداية الصيف، هددت سونلغاز برفع أسعار الطاقة لثني المستهلك عن الإفراط في استهلاكها. إن ما يحدث من عذاب في الجزائر جراء انقطاع الكهرباء، يتعدى نور الدين بوطرفة ومجمع سونلغاز وفروعه. المشكل هو احتكار الدولة لنشاط إنتاج وتوزيع الطاقة. فلو أن القطاع كان مفتوحا على المنافسة، لتمكن الكثير من المتعاملين في هذا الميدان من إثبات قدرتهم على تقديم خدمة أفضل وربما بأقل تكلفة. إن الحالة المزرية التي يعيشها الملايين في رمضان بسبب أزمة الكهرباء، تعكس فشلا ذريعا في التسيير وتحيلنا إلى حقيقة جلية: هذا النظام أخذ الريع وانتفع منه هو وزبائنه، وأعطى للشعب الظلام. والمثير في هذه الأزمة أن البرلمان ''المنتخب'' حديثا، بقي يتفرج على عذاب الجزائريين. وقد يتحجج النواب بأن مجلسهم في عطلة، لكن ذلك لا يمنع من إصدار بيان لإبداء موقف مما يحدث. [email protected]