تأخر الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة كان بمثابة الدملة التي نزفت قيح الحكم.! وملأت الإشاعات المختلفة الحياة بروائح كريهة.. بعضها وصل إلى حد إطلاق إشاعات هي عبارة عن أمنيات لأصحابها.! بعض الناس الذين يقلقهم وجود بوتفليقة على رأس البلاد قدموا طلبا رسميا لعزرائيل للقيام بمهامه نحو الرئيس.! بل اتهم هؤلاء عزرائيل بأنه قصّر في أداء مهامه، وتسبّب هذا التقصير في محنة الجزائر.! بعضهم الآخر قتلوه بالإشعاعات في فال دوغراس، ووضعوه في مصلحة حفظ الجثث إلى حين ترتيب الأوضاع في الجزائر لاستقبال جثمانه.! وبعضهم الآخر ذهب إلى حد القول: ''إنه قضى نحبه، وأنه دفن ''سكاتي'' حتى لا تثار قلاقل في البلاد هي في غنى عنها''.. وذهب بعضهم إلى القول بأنه مشى في جنازة الرئيس السرية هذه؟ وباتت إشاعة وفاة الرئيس شبه حقيقة، إلى درجة أنه لو جاء عزرائيل وعقد ندوة صحفية وقال فيها: إن الرئيس حي، فإن عزرائيل سيتهم بالعمالة للنظام وممارسة الكذب على الشعب وإخفاء الحقيقة! الرئيس في بداية عهده سكن في التلفزة، إلى درجة أن الناس أصبحت تنكت على كثرة ظهوره في التلفاز.. ثم ها هو يختفي، إلى درجة أن أصبح الناس يطالبون بظهوره ليرتاحوا من الهمّ الإشاعي الذي هم فيه الآن.! الطريف في أمر غياب الحكومة هو أن بعض الناس شكلوا حكومات في الفايسبوك من أصحابهم.. والذي أعجب بعشيقته عيّنها وزيرة.! والذي ارتاح لصديقه أو شريكه في السرقة والفساد عيّنه وزيرا أو حتى رئيسا للحكومة.! والحكومة كلها الآن في مصلحة حفظ الجثث السياسية.! التنسيق الحكومي بين القطاعات الوزارية ذات العلاقة اختفى بفعل الأزمة الحكومية التي تعيشها البلاد.. وحلّ محل تنسيق الوزراء والوزارات تنسيق آخر قوي وفعال ظهر جليا بين مختلف المشاكل في البلاد.. فتضامن مشكل انقطاع الكهرباء مع مشكل انقطاع الماء وأيدهما مشكل الحرائق.! وفي الوقت الذي قامت فيه الأزمات الكهربائية والمائية بالتنسيق الكامل بينها، راحت الوزارات المعنية إلى إرسال اتهامات متبادلة لبعضها، ما يدل على تراجع تنسيق الوزراء أمام تعاظم تنسيق المشاكل؟! إنها مشكلة السلطة في بلادنا التي أصبحت تتلذذ بشمّ الروائح الكريهة للإشاعات.. لأنها سلطة جبلت على تسيير البلاد بواسطة الأزمات. فحتى إن لم توجد أزمات، قامت السلطة بافتعالها، تماما مثلما تفتعل الآن أزمة الإشاعات.! [email protected]