وقال بحليطو: البارحة التقيت بعزرائيل قرب مقبرة الحكام العرب، وما إن رآني، حتى هش في وجهي، وقال لي ''ألست أنت بحليطو؟'' وأنا قلت له ''لكن كيف عرفتني يا عزرائيل''، وقال لي نفس السؤال ''وأنت؟! كيف عرفتني يا بحليطو، بالرغم أنني لم ألتقِ بك من قبل؟!'' قلت ''أنت معروف يا عزرائيل من كل حكام العالم وأنا منذ فتحت عيني سمعت عنك الكثير··''، فقال عزرائيل: ''ماذا سمعت؟!''، قلت: ''سمعت أنك مخيف، وأنك قباض الأرواح، وأنك الحارس العظيم لعالم الآخرة، وأنك مطلع على كل الأسرار والخبايا''، لكن عزرائيل ضحك ضحكة مجلجلة ثم قال ''إذن أنت مخبر؟!''، قلت ''والله العظيم لست مخبرا''، قال ''إذن كيف عرفت كل هذا، ومن قال لك ذلك؟!''، قلت ''أخبارك معلومة عند العام والخاص، وهذا منذ قرون طويلة''، سكت عزرائيل وراح يتأملني جيدا ثم قال ''ما رأيك في هذه الثورات التي اشتعلت عندكم؟!''، قلت ''لقد كره العرب من حكامهم، وهم يريدون التغيير''، قال ''هذا أمر جيد''، ثم أضاف ''وأنت؟! هل ترغب في التغيير''، قلت ''طبعا، يا عزرائيل أريد أن يختفي من عالمنا كل العزرينات''، قال مندهشا ''عزرينات عندكم؟!''، قلت ''أجل، يا عزرائيل، عزرينات جاءت إلى الحكم واستقرت فيه قرونا ولا تريد أن تمضي··''، قال ''ولماذا تسميها عزرينات'' قلت ''لأنها أرادت أن تتيمن بك يا عزرائيل''، قال ''هذا ظلم، أنا لم أكن حاكما طيلة حياتي·· أنا لم أستحوذ مرة في حياتي على السلطة··''، قلت ''لكن العزرينات تقول غير ذلك··''، قال ''لا·· لا، لست موافقا على مثل هذا الكلام·· هذا تشويه للتاريخ وتشويه للحقيقة··· وأنا هنا أطالب بتغيير هذه الصورة''، قلت ''لن تستطيع تغيير ذلك''، قال ''لماذا؟!'' قلت ''لأنهم لا يتركونك تفعل ذلك، وسوف يتهمونك بالعمالة للأجانب، وسوف يحرشون عليك البلطجية، وسوف يطلقون عليك الرصاص الحي''، قال ''الرصاص الحي؟! ماذا يعني الرصاص الحي''، قلت ''الرصاص الحي، يمنعك من الحياة والوجود، وتصبح لا شيء''، قال ''لا، لن أتركهم يفعلون ذلك·· ومن الآن فأنا ثائر··''، حاولت أن أنصحه بالتروي، لكنه، راح يركض·· ويصرخ ملء فمه·· عزرائيل يريد تغيير النظام··