كشفت مصادر ل''الخبر'' عن استبعاد تفعيل عمل البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية على المدى القصير، بسبب الوضع السائد في المنطقة، وعدم القدرة على إيجاد إطار يضمن التنسيق بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول المغرب العربي. واستبعد نفس المصدر اجتماع وزراء المالية ومحافظي بنك الجزائر قريبا، في إطار البنك المغاربي، الذي كان يفترض أن يساهم في دعم الاندماج الاقتصادي والتجاري في المنطقة. وأشارت نفس المصادر إلى أن الهيئة الاقتصادية المغاربية المشتركة، ومقرها تونس، لم تنجح في تفعيل آلياتها، رغم الانتهاء من التدابير الإجرائية والإدارية، حيث تأخرت مرارا الدورة الثامنة لمجلس وزراء المالية المغاربة. وسبق لوزراء المالية أن اتفقوا على تفعيل مشروع البنك في 2009، ودخوله الخدمة في 2010، مع اعتماد مبدأ تدوير منصبي المدير العام والرئيس، وتحديد رأسمال البنك بالتساوي، بقيمة 500 مليون دولار، مع تحرير قيمة 150 مليون دولار بصفة أولية. ورغم تسوية المشاكل العالقة، خلال الدورة السابعة لوزراء المالية بالجزائر، في مارس 2010، على غرار مبدأ التمويل المتساوي بين الدول الأعضاء، واعتماد آليات واضحة للرقابة الداخلية والخارجية، وصياغة دراسات جدوى للمشاريع ذات الأولوية، إلا أن ذلك لم يحل دون تأخر المشروع، الذي ظل حبيس الأوضاع السائدة في بلدان المغرب العربي، والذي أدى إلى الانسداد. واعتبر الخبير المالي، الدكتور كاميل ساري، أن التغيرات التي حدثت بالمنطقة لم تشجع على الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري، معتبرا أن مشروع البنك المغاربي بحاجة إلى إرادة فعلية، وتحضير الأرضية التي تسمح بالاندماج الاقتصادي المتدرج والمبني على أسس واقعية، مضيفا بأن الإحصائيات الأخيرة تكشف عن تواضع بنية التبادل التجاري بين البلدان المغاربية. علما أن قيمة المبادلات التجارية لا تتجاوز 4 بالمائة من مجموع ما يتم مبادلته بين الدول المغاربية وباقي دول العالم، كما أن حجم الاستثمارات البينية تظل شبه منعدمة بين الدول المغاربية، يضاف إلى ذلك غياب شبكة البنوك، حيث لا تنشط بالجزائر بنوك مغربية، وظلت هذه البنوك تنتظر سنوات، على غرار التجاري ''وافا'' للحصول على اعتماد لم تتحصل عليه، ونفس الأمر بالنسبة للبنوك التونسية. تجدر الإشارة إلى أن الدورة السادسة لمجلس وزراء المالية المغاربة، المنعقدة بتونس، اعتمد مبدئيا المشروع الذي حدّدت معالمه الرئيسية في تونس في ,2006 بعد أن تم الاتفاق عليه في 10 مارس 1991، في رأس لانوف بليبيا، واتفق على قوانينه الخاصة والداخلية في الرباط في 2001، دون أن يرى المشروع النور فعليا، إلى غاية الآن، بل إن الخبراء يؤكدون صعوبة تجسيد المشروع على أرض الواقع بالنظر لتباين السياسات والمواقف والرؤى بين البلدان المغاربية، وبقاء المشاريع الاندماجية مجرد شعارات على الورق، أو منحصرة على الخطابات والنوايا، حيث يتوقع ألا تتجاوز المبادلات التجارية البينية بين الجزائر وبلدان المغرب العربي هذه السنة ما قيمته ملياري دولار.