أفادت، أمس، مصادر مالية، ل''الخبر''، أن مشروع البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية لن يرى النور قريبا، رغم أنه حدد رأسماله ومقره وتم تحديد مجال صلاحياته. أوضحت نفس المصادر أن البنك لن يفعّل كما كان مرتقبا خلال السنة الحالية، ولم يتم الاتفاق على رزنامة محددة لتفعيل ودخول البنك حيز العمل، رغم التقدم المسجل على المستوى التنظيمي، وإقرار القانون الداخلي، والاتفاق على رأسمال البنك الذي حدد بقيمة 500 مليون دولار، والاتفاق على تنظيم الجمعية العامة التأسيسية. ويعود المشروع إلى سنة 1993، حيث باشرت الدول المغاربية أولى الخطوات بدعم من هيئات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واتحاد البنوك المغاربية، التي قامت على عاتقها باعتماد الدراسات التقنية ودراسات الجدوى. وقد بدأت عمليات تجسيد المشروع سنتي 2006 و2007 مع لقاءات منتظمة لوزارء المالية ومحافظي البنوك المركزية. وكان آخر لقاء بطرابلس في بداية 2010 مؤشرا لبروز تناقضات بين البلدان الأعضاء، رغم أن التصريح العلني أكد، في ختام اللقاء، على ضرورة الإسراع في وتيرة إنشاء البنك الذي منحت له صلاحيات ومهام، من بينها تشجيع الاستثمارات البينية، وتفعيل التجارة الخارجية، فضلا على تشجيع حرية تنقل السلع والخدمات والأشخاص. ورغم الاتفاق بين البلدان على تقاسم رأسمال البنك بالتساوي بين الدول الخمس الأعضاء، تم تحديد أيضا قيمة 150 مليون دولار كرأسمال حر، فضلا على الاتفاق على التناوب على الرئاسة وضمان دورية مناصب المسؤولية، مع اختيار تونس كمقر رئيسي للبنك المغاربي، الذي كان يعتبر من أهم النواة الاقتصادية التي يراد تجسيدها في المنطقة.. بيد أن التناقضات الكثيرة القائمة بين البلدان سواء على المستوى التجاري أو الاقتصادي، وغياب مشاريع اندماجية أو مشتركة، ساهم في عدم تحمس الدول المعنية فعليا في تفعيل المشروع، الذي تقرر، حسب مصادرنا، تعليقه إلى حين وضوح الرؤية أكثر، خاصة وأن الدول المغاربية عادت بفعل الواقع الذي يسود المنطقة إلى المقاربة الثنائية، على غرار ما تم نهاية أكتوبر الماضي؛ حيث توصلت تونس وليبيا إلى اتفاق شامل يسمح برفع كافة القيود على تنقل الأشخاص والسلع والبضائع بينهما، وإنشاء منطقة للتبادل الحر في المنطقة الحدودية التونسية الليبية، وتأسيس شركة قابضة مشتركة، تؤول إليها مشاريع الاستثمار الليبية بتونس، وتتولى إدارتها وزيادة حجم استثماراتها، والدخول في مشاريع كبرى أهمها إنشاء مصفاة في منطقة الصخيرة الغنية بالمحروقات. كما سجل تدعيم المبادلات بين المغرب وموريتانيا وتكثيف تواجد الشركات المغربية. ولم تسمح سبع دورات اجتماع لوزراء المالية المغاربة في التوصل إلى تسوية نهائية واتفاق محدد حول مصير البنك المغاربي. فضلا على تسجيل غياب وزير المالية المغربي في آخر لقاء ليبيا والجزائر، أين مثل المغرب مدير الخزينة والتمويل الخارجي زهير شارفي. وأكد الدكتور كاميل ساري، ل''الخبر''، أن هناك صعوبات كبيرة تعيق مشاريع الاندماج المالي والاقتصادي، بالنظر لتباين السياسات النقدية والمالية، بل وتناقضها في العديد من الأحيان، وغياب أية مقومات للاندماج والتكامل، وغياب رؤية مشتركة حول ما يمكن القيام به. يضاف إلى ذلك ضعف المبادلات التجارية البينية التي لا تتجاوز نسبة 4 بالمائة إجمالا. وغياب كلي للتعاون المباشر في المجال المالي والمصرفي. وغياب البنوك الجزائرية في كافة الدول المغاربية، وغياب البنوك المغربية وحتى التونسية في الجزائر؛ إذ تنتظر ثلاثة بنوك مغاربية على الأقل اعتمادها منذ أكثر من ثلاث إلى أربع سنوات.