نعم، غابت للنظام.. ووجدها الوزير عمارة بن يونس.. النظام كان في حالة بحث عن برنامج سياسي للحكومة يحس به المواطن بسرعة، رغم أن الحكومة قيل إنها غير سياسية.! من الطبيعي أن الحكومة غير السياسية التي تنصب بعد انتخابات تشريعية سياسية، لابد لها من البحث عن برنامج غير سياسي، يختلف عن ذلك الذي انتخب عليه الشعب.! فاهتدى بن يونس، بعبقريته، إلى برنامج ''حملة النظافة'' الذي بالتأكيد لا يقف ضده أحد.. ويحس المواطن به بعد ساعات من ''تطبيقه''. ولا تتعجبوا من نظام يجعل من النظافة أولوية سياسية.! لأن من يتسبّب في ''الخماج'' يحتاج إلى حكومة نظافة لتنظفه! ستصبغ الحكومة كل الجدران.. وستنظف كل الشوارع، وسيقدم ذلك على أنه من أعظم الإنجازات.. وستكون تكلفته تعادل أو تزيد عما صرفه غول على الطريق السيار ولم يكتمل.. وسيصبح بن يونس بهذا الإنجاز رجل الإنجازات الكبرى، وسيتغول حزبه.! سيصرف بن يونس كل ما ادّخره سلال في السدود من مياه على تنظيف الجمهورية الجزائرية المتسخة.! وسيصدر بن يونس ''فرمانا'' رئاسيا يجبر فيه الجزائريين على الاغتسال إجباريا مرتين في الأسبوع على الأقل.! لأن نظافة المحيط تتطلب نظافة المواطن أيضا.! لا حديث أبدا عن نظافة اليد، لأن هذا يمس بالمصالح العليا للبلد.! ولا حديث على نظافة الانتخابات، لأن ذلك يمس بمصداقية الأحزاب المتحالفة والمتعالفة ضمن برنامج الرئيس.! وللحديث عن انتخابات نظيفة، نظافة مشروع بن يونس، قد تجمّد حال البلد حتى الانتهاء من الانتخابات المحلية بعد شهور.! تماما مثلما قيل إن السلطة الفعلية اقترحت على الرئيس تجميد عمل البرلمان، لأنه مطعون في شرعيته عبر الانتخابات المزوّرة بصورة واضحة وصريحة؟! وبالطبع، عوض أن نعاقب ''الميارة'' والولاة على سوء توزيع السكن، نعاقب المواطن بالتجميد لعملية التوزيع؟! تماما مثلما نعاقب الشعب بتجميد عمل البرلمان، لأنه انتخب بالتزوير، عوض أن نعاقب المزوّر على القيام بهذا التزوير؟! نعم، سنعيش ما تبقى من عهدة بوتفليقة على وقع أعمال ''البريكولاج''، والتجميد، والانتظار، مع ''تشبيحات'' بن يونس للمحيط؟! لكن، ما لا يجمل فعلا أو ينظف هو الفساد والرشوة، وتخاطف المال العام من طرف العصب المافيوية، المالية وغير المالية.. وهي تترادف خلف هذا الحزب أو ذاك من أجل التموقع مع القادمين الجدد القدامى لتطوير البلاد في مجال الفساد والسرقة وسوء التسيير، بعيدا عن مخطط نظافة بن يونس.