غدا ينصّب المجلس الشعبي الوطني الذي سيضع لنا الدستور الجديد، أو لنقل سيعدّل لنا الدستور الحالي ليصبح قابلا لأن يسيّر البلاد بكل ديمقراطية! والنجاح في هذا المجال شبه مضمون.. لأن هذا المجلس هو أغرب مجلس ينتخب في تاريخ الجزائر، وأدلة الغرابة كثيرة جدا. ومنها مثلا: أولا: أن هذا المجلس ينتخب بخطاب رئيس.. وليس ببرنامج أحزاب، وينتخب جلّه بأصوات الهيئات النظامية وليس بأصوات المواطنين، وتفوز فيه الأحزاب التي كانت دائما تقدّم، للرأي العام والشعب، على أنها أعداء تقليدية للحرية والعدل والديمقراطية.. وأنها أحزاب الإدارة والأجهزة.. أحزاب ''السيستام''! ثانيا: أن أغلب الفائزين في البرلمان الظاهرة هذا، هم من الذين اشتروا مقاعدهم من الأحزاب السياسية. أي اشتروا رؤوس القوائم.. ثم اشتروا الأصوات القليلة من المواطنين بما لذ وطاب. ثالثا: سمعت أن كفاءة نواب البرلمان القادم بلغت قمة الرداءة.. فقد قيل لي: إن أحد الناجحين في الانتخابات قد حضر إلى العاصمة لاستلام مقعده في البرلمان.. ورافقه والده من شدة الخوف عليه من الضياع في العاصمة! وأن سيدة أخرى نجحت في الانتخابات وحضرت إلى العاصمة رفقة والدها ووالدتها لاستلام مقعد النيابة، والشروع في وضع الدستور الذي يحكم الأمة في العشرية القادمة على الأقل! نواب هذا البرلمان الذي جاء بهم التشبيب والتأنيث الخاطئ يرافقهم أولياؤهم إلى البرلمان كما يرافقونهم إلى روضة الأطفال من شدة الخوف عليهم! مثل هؤلاء النواب يمكن أن نتصور من الآن مستوى الدستور الذي يضعه هؤلاء لأمة بعد 50سنة من الاستقلال! نعم من حق هؤلاء الأولياء أن يخافوا على أبنائهم وبناتهم الناجحين والناجحات في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ماد ام أن قبة البرلمان سيدخلها أيضا تجار المخدرات كما قالت حنون..! فنحن نتطور في الرذيلة ولا نتطور في الفضيلة؟! رابعا: ما حدث لبرلمان الجزائر في عهد الإصلاحات يعكس بأمانه حجم الكارثة التي أحدثتها السلطة على صعيد بهدلة الحياة السياسية الحزبية، وتحويلها إلى مجرد تعاونيات فساد وإفساد للحياة السياسية! فيها المؤامرات والمؤامرات المضادة، والتحايل على الشعب هو البرنامج السياسي البارز لهذه الأحزاب! خامسا: البرلمان التأسيسي الذي نصب سنة 1962 كان فيه المرحوم فرحات عباس وأمثاله الذين كانوا ينازلون الجنرال ديغول، محرر فرنسا من النازية، والبرلمان التأسيسي اليوم فيه هذا الذي أحضره والده إلى العاصمة لاستلام مقعده التأسيسي، وهو في حالة خوف عليه.. وربما اشترى له بذلة وربطة عنق ليصبح مؤهلا بهما لأن يشرّع لهذه الأمة قانونها الأساسي؟! لست أدري لماذا أحس بأنني في حاجة لأن اذهب إلى مقبرة العالية وأنبش قبور هؤلاء العظماء الذين حرروا الجزائر.. وأبدأ بقبر الأمير عبد القادر، لأصل إلى قبر بن بلة، ووردة، مرورا بقبور بومدين وعميروش وبوضياف، وغيرهم؟!