رغم أن الأطباء ينصحون به، إلا أن ندرة اللقاح المضاد للزكام الموسمي يظل هاجسا يطارد الأشخاص الذين يتنقلون من صيدلية لأخرى بحثا عنه، وأملا في الظفر به قبل فوات الفترة المحدّدة بين 15 و20 أكتوبر من كل عام. كشف أطباء مختصون في الأمراض التنفسية والصدرية أن أكثر من 5 ملايين مصاب بأمراض مزمنة بالجزائر، ناهيك عن فئة الأطفال والشيوخ، مهدّدون بالإصابة بسبب الزكام، نظرا لنقص المناعة عندهم، مشيرا إلى أن شهر أكتوبر هو الفترة الأنجع لإجراء اللقاح المضاد له، وأن الجزائر في حاجة إلى 20 مليون جرعة، لضمان استفادة أكبر، خاصة أنه لا يمكن الجزم بفعالية أي لقاح إلا إذا خضع له 50 بالمائة من السكان.يلعب التغيّر المناخي الذي تشهده الجزائر، منذ فترة، دورا مباشرا في الإصابة بالزكام الحاد الذي يترك بصماته على صحة فئات معيّنة من الأفراد. ويعتبر الانتشار الكبير للزكام الموسمي، مثلما يعرف عند عامة الناس، والذي يؤدي في بعض الأحيان إلى حد الموت في بعض الحالات بسبب حدّته، من نتائج هذا التغيّر. وعن هذا الخطر، أوضح البروفيسور نافتي سليم، رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض الصدرية والسل، أنه كلما زادت حدّة البرد وانخفضت درجات الحرارة مع تسجيل نسبة من الرطوبة، يجد الفيروس المسبّب للزكام الظروف الملائمة لتكاثره وانتشاره، خاصة في وسط تجمّعات الأشخاص داخل الأماكن المغلقة. كما تلعب هجرة الطيور من الشرق الأقصى نحو أوروبا مرورا بالجزائر، دورا في انتقال الفيروس الذي لم يتوصل الباحثون بعد إلى وضع دواء مضاد له إلى غاية يومنا هذا، ليبقى اللقاح الموسمي العلاج المؤقت والوحيد. أما عن أفضل فترة لأخذ اللقاح، ينصح البروفيسور نافتي بإجرائه في شهر أكتوبر والأفضل في بداية الشهر، حيث أن اكتساب المناعة ضد الفيروس لا يتم إلا بعد مرور 30 يوما على التلقيح. وهو ما يعني أنه كلما سارع الفرد بالتلقيح مبكرا، كلما حصّن نفسه وضمن فعالية اللقاح. وردا على سؤال حول الأشخاص المعنيين باللقاح أكثر من غيرهم، أوضح نافتي بأنهم الأفراد المصابون بالأمراض المزمنة، مثل مرضى القلب وارتفاع الضغط، الشرياني، والسكري، والقصور الكلوي، والربو، وهؤلاء، كما يقال، يزيد عددهم عن 5 ملايين جزائري، بالإضافة إلى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، والشيوخ البالغين 65 سنة فما فوق، وعمال القطاع الصحي، من أطباء وممرضين، وكل من يتواصل مع المريض. وعن الكميات التي من المفروض توفّرها، يشير البروفيسور نافتي إلى أنه من المفروض أن توفر السلطات العمومية ما لا يقل عن 20 مليون جرعة، وعدم الاكتفاء بالكمية التي تعني الفئات المرشّحة للتلقيح الإجباري فقط، والذين تتولى الدولة تلقيحهم مجانا، موضّحا بأنه إضافة إلى الأشخاص الذين تتكفل الدولة بتلقيحهم، يجب منح الفرصة للآخرين وعدم حرمانهم من التلقيح، خاصة أن الدواء قابل للتعويض من قبل صندوق الضمان الاجتماعي. الكثير من المهتمين باللقاح المضاد للزكام الموسمي، يتساؤلون عن فعاليته.. والجواب، مثلما يقول البروفيسور نافتي، أن اللقاح يوفر حماية لا تتجاوز 70 بالمائة، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من المستفيدين منه يظنون بأنهم سيكونون بمنأى عن الإصابة بالزكام طيلة فترة الشتاء، وهذا خطأ. ويوضح نافتي السبب قائلا بأنهم يظلون عرضة للإصابة بالزكام، لكن بنوبات خفيفة، خالية من المضاعفات الصحية، وتكون قصيرة المدة، لا تتجاوز في أسوأ الحالات يومين.