انتصر النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، على الرئيس المصري، الدكتور محمد مرسي، في معركة البقاء، فقد اجتمع مرسي، صباح أمس، بنائبه المستشار محمود مكي وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام. أسفر اللقاء عن إبقاء النائب العام في منصبه، بعدما قرر الرئيس تكليفه بمهام سفير مصر لدى الفاتيكان، استجابة للمطالب الشعبية التي دعت إلى إقالة النائب العام بعد براءة المتهمين في موقعة الجمل، ورفض النائب العام الامتثال للقرار، وأصدر بيانا اتهم فيه وزير العدل ونائب الرئيس بالضغط عليه كي يقبل تنفيذ القرار. واشتعلت الأزمة حينما أعلن بعض قادة حزب الحرية والعدالة عن محاصرة مكتب النائب العام ومنعه من دخوله. تهديدات الإخوان استفزت قضاة مصر لإعلان الحرب على مؤسسة الرئاسة، وتمت الدعوة لعقد جمعية عمومية لنادي القضاة، الأسبوع المقبل، لبحث الوسائل القانونية لبقاء النائب العام في منصبه ومعاقبة الرئيس على انتهاكه لسلطة القضاء. وذهب أكثر من ألفي قاضي ومعهم نقيب المحامين والمئات من المحامين، صباح أمس، إلى مكتب النائب العام لحماية المستشار عبد المجيد محمود من الاعتداء المتوقع عليه، واستقبلوا النائب العام بالهتاف والتأييد باستقلال القضاء المصري. من جانبه، ألقى المستشار محمود مكي، نائب الرئيس مرسي، اللوم على الإعلام في توصيفه بقرار النائب العام إلى سفارة مصر بالفاتيكان بأنه إقالة. ووصف مكي القرار بأنه حماية للنائب العام من التهديدات، إلا أن مندوبي وسائل الإعلام في الرئاسة شنوا هجوما قويا على نائب الرئيس أثناء المؤتمر الصحفي، واصفين قرارات الرئاسة بالمتناقضة وأن الحل الأسهل لنائب الرئيس كان إلقاء اللوم على الإعلام. وواجهت وسائل الإعلام الرئيس بأنه لا حل ثالث بناء على البيانات المتضاربة للرئاسة والنائب العام، وهو أنه إما الرئاسة كاذبة وإما النائب العام كاذب. وتعتبر هذه الأزمة الهزيمة الثانية للرئيس مرسي أمام القضاء، حيث فشل في إعادة مجلس الشعب المحل بعد حكم المحكمة بعدم دستوريته، ووقف له القضاة بشدة مدافعين عن حكم المحكمة، وحاول مرسي استخدام بعض النصوص القانونية لإعادة البرلمان، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت حكما نهائيا ثانيا بعدم أحقية رئيس الجمهورية في إعادة مجلس الشعب المحل. وفي سياق مواز، حكمت محكمة مصرية بانقضاء الدعوى في حق الإعلامي توفيق عكاشة، صاحب إحدى القنوات الخاصة، في تهمة إهانة الرئيس، ورفضت المحكمة الاتهام الموجه لعكاشة، معتبرة أن ما يفعله الأخير هو حرية إعلام وليس فيه إهانة للرئيس. واعتبر بعض المحللين أن حكم المحكمة هو عقاب لمرسي على محاولته انتهاء استقلال القضاء.