من أظهر المسؤوليات الّتي اهتم الإسلام بها وحضّ عليها ووجّه الأنظار إليها، مسؤولية المربّين تجاه من لهم في أعناقهم حق التعليم والتوجيه والتربية. فهي في الحقيقة مسؤولية كبيرة وشاقة وهامة، لكونها تبدأ منذ سن الولادة، إلى أن يدرج الولد في مرحلتي التمييز والمراهقة، إلى أن يصبح مكلّفًا سويًا. ولا شكّ أن المربّي، سواء أكان معلمًا أو أبًا أو أمًا أو مشرفًا اجتماعيًا، حين يقوم بالمسؤولية كاملة ويؤدي الحقوق بكلّ أمانة وعزم ومضاء على الوجه الّذي يتطلبه الإسلام، يكون قد بذل قصارى جهده في تكوين الفرد، بكلّ خصائصه ومقوّماته ومزاياه، وبالتالي يكون قد أوجد الأسرة الصّالحة بكلّ خصائصها ومقوّماتها ومزاياها، ويكون كذلك من حيث يعلم أو لا يعلم، قد أسهم في بناء المجتمع المثالي الواقعي، بكلّ خصائصه ومقوّماته ومزاياه، لتكوين الفرد الصّالح والأسرة الصّالحة، وهذا هو منطلق الإسلام في الإصلاح. ونحن لو تتبعنا آيات القرآن الكريم وأحاديث الرّسول الأعظم، صلّى الله عليه وسلّم، في إهابتها بالمربّين للقيام بمسؤولياتهم، وتحذيرها إيّاهم إذا قصّروا بواجبهم، لوجدناها أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تستقصى، وما ذاك إلاّ ليعلم كلّ مربّ ضخامة أمانته وعظم مسؤوليته. فمن هذه الآيات الكريمة قوله تعالى: {وآمر أهلك بالصّلاة واصطبِر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقَك والعاقبة للتّقوى} طه .132 وقوله تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا قُوا أنفسَكُم وأهليكم نارًا...} التحريم .6وقوله عزّ وجلّ: {يا أيُّها الّذين آمنوا إنّ مِن أزواجكم وأولادكم عَدُوٌّا لكم فاحْذَروهم وإنْ تعفُوا وتصفحُوا وتغفِرُوا فإنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ} التغابن .14 إلى غير ذلك من هذه الآيات الكثيرة المستفيضة.