أويحيى قال إن الجزائر لا تعيش أزمة سياسية ولا تعيش أزمة اقتصادية.. وإنما تعيش أزمة رشوة؟! والمجلس الوطني للمحاسبة قال إن البلاد تعيش أزمة سوء تسيير للمال العام! ولست أدري ما هي السياسة إذا لم تكن حسن تسيير المال العام.. وما هي الأزمة السياسية إذا لم تكن سوء تسيير المال العام؟! وما هي الأزمة الاقتصادية إذا لم تكن سوء تسيير البلاد اقتصاديا؟! وماذا بقي في البلاد غير متأزّم إذا كانت الرشوة هي السائدة في تسيير البلاد؟! أردوغان، صانع معجزة تركيا الاقتصادية، عندما سُئل عن سر نجاحه قال: ''إنه لم يسرق وحارب السرقة''.. والرشوة هي الظاهرة الحديثة للسرقة؟! والرشوة والفساد هي المعطّل الأساسي للتنمية والتطور؟! فهل يريد أويحيى إنجاز دولة متطوّرة سياسيا واقتصاديا وهي ترفل في الرشوة والفساد؟! أصدقكم القول إنني كنت أعتقد أن مؤسسة مثل المجلس الوطني للمحاسبة قد ماتت وشبعت موتا، لأنها لم تر، حتى الآن، هذا الفساد الهائل الذي يعمّ البلاد، والذي رآه رئيس الحكومة السابق والأسبق، أويحيى، مؤخرا، عندما خرج من الحكومة، ولم يره عندما كان في الحكومة؟! كنت أعتقد أن مجلس المحاسبة أصبح لا يعاقب المرتشين والسراق ومبذّري المال العام.. بل أصبحت مهمّته معاقبة من لا يرشي ولا يسرق ولا يبذر! نعم الحكومة لا ترى سوى تسييرها للمال العام! ونواب الأمة لا يرون مناكر الحكومة، حتى لا ترى الحكومة مناكرهم في البرلمان. ومجلس المحاسبة لا يحاسب المرتشين والمبذّرين، لأن مهمته غير ذلك، تماما منذ أن ولد في .1977 والحمد لله، رئيس الحكومة يقول إن الرشوة أصبحت أزمة في البلاد، ولكن مجلس المحاسبة لم ير ولا سارقا واحدا في جهاز الدولة وقدّمه للمحاكمة.. لأنه جهاز يحاسب من لم يمارس السرقة ولا يحاسب السرّاق! الرشوة والفساد لم تعد في البلديات والولايات والوزارات والشركات الوطنية فقط، بل أصبحت في الأحزاب والجمعيات، وبمباركة أجهزة الدولة المكلفة بمراقبة الفساد والرشوة.. لأن الرشوة والفساد أصبحا يتمتّعان بشعبية كبيرة أكثر من شعبية السياسة والاقتصاد اللذين لا يعيشان أزمة، كما يقول أويحيى؟! ''ترفسني'' جاموسة عمياء إن كنت فهمت شيئا في سياسة هذه البلاد! وفي أداء ساستها لمهامهم السياسية؟!