اعتبر مناهضون للفكر الاستعماري في فرنسا، إشراف وزير الدفاع الفرنسي على تخليد روح السفاح بيجار في منطقة فريجوس، أول أمس، بمثابة ''استفزاز حقير للشعب الجزائري''، قبيل زيارة الرئيس فرانسوا هولاند للجزائر. رد ناشطون ضد الفكر الاستعماري، على الخطوة التي قام بها وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، بتخليد روح السفاح بيجار، بنقل رفاته إلى منطقة فريجوس، بعريضة مرفوقة بأربعة آلاف وخمسمائة توقيع، أودعها العسكري السابق في الجيش الفرنسي هنري بوليوت، لدى مكتب الوزير بعد إشراف هذا الأخير على العملية أول أمس، رغم أنه سبق أن تلقى نداءات بالامتناع عن القيام بها، خاصة قبيل زيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى الجزائر الشهر الداخل. وأوردت العريضة التي تسلمها مستشاري وزير الدفاع بدلا منه: جان كريستوف لو مان، مسؤول الديوان المدني بالوزارة، وأنطوان نوغويور، مسؤول الديوان العسكري، أسبابا ''سياسية'' وأخرى ''تتصل بشخصية بيجار''، في دعوة وزير الدفاع إلى عدم ترؤس التخليد. سياسيا، اعتبرت بأن ترسيم عملية تخليد روح السفاح بيجار، تحيل إلى شرعنة، وباسم فرنسا، ممارسات التعذيب التي كان يقوم بها في حق الجزائريين بتفنن، بما يحيل على استعداد فرنسا للعودة إليها من جديد، كونها ممارسات ''عادية''، الأمر الذي يعتبر في نظر هنري بوليوت، بمثابة تبرير للاستعمار ولممارساته البغيضة المرتكبة. وخاطب أصحاب العريضة الوزير لودريان بالقول إن ترؤسه لعملية نقل رفات الجنرال بيجار، وتمجيده، ''استفزاز حقير لمشاعر الشعب الجزائري قبيل زيارة هولاند إلى الجزائر''، كما اعتبرت أن العملية وضعت الأمة الفرنسية في موقع ''إعادة نظر'' فيما يتصل بحقوق الإنسان، وبالتالي فإن ''وصف فرنسا ببلد حقوق الإنسان، ضرب في الصميم''، في تمجيدها لسفاح ارتكب من الجرائم في الجزائر ما يفترض أن يحيله للمحاكمة لولا أن اتفاقيات إيفيان أنقذته. وذكر هنري بوليوت المعروف عنه معارضته ممارسات التعذيب خلال الحقبة الاستعمارية، في شق الأسباب المتصلة بشخصية بيجار، وأعماله الإجرامية في الجزائر، بماضي السفاح في الفيتنام كذلك، حيث أبدع في استحداث تقنيات التعذيب والقتل. واعتبرت العريضة أن الجرائم المرتبكة في حق الإنسانية لا تموت بالتقادم، حيث الحقائق التاريخية لا تزال قائمة، حتى وإن أنقذت اتفاقيات إيفيان مجرمي الحرب الفرنسيين في الجزائر، كما ذكروا بأصناف التعذيب التي كان ينتهجها بيجار، على غرار إلقاء الجزائريين من الطائرات على ارتفاع 300 متر في عرض البحر وأرجلهم ملفوفة بالإسمنت، كما كان يلقي بهم وسط الجبال، وهي الطريقة التي قال هنري بوليوت إن صديق بيجار، الجلاد أوساريس الذي قتل العربي بن مهيدي، انتهجها أيضا، متسائلا عن مصير تقارير تدين بيجار باختفاء أكثر من 2500 جزائري، تعرضوا للتنكيل. وحاول مستشارا وزير الدفاع، حسب المتحدث، تبرير ما قام به الوزير لودريان، وقالا إن الرئيس فرانسوا هولاند الذي كان يفترض أن يترأس تخليد روح بيجار أوكل المهمة لوزير دفاعه، ما يعني أن هولاند الذي كان وراء اعتراف فرنسا بجرائم 17 أكتوبر 61، لم يجد مانعا من تخليد واحد من السفاحين الذين نكلوا بالجزائريين، وهو يحضر لزيارة الجزائر.