أستاذي وأخي وصديقي شعبان، رحمة الله عليك، والجنة مأواك إن شاء الله. في آخر مكالمة لي معك قبل وفاتك بيومين، ودامت نحو ربع ساعة، طلبتني لتشكرني بمناسبة إهدائي إياك روايتي ''فجر الغيطان'' وكتابي ''المطالعة العصرية''، وتبادلنا أطراف الحديث عن الجريدة وطبيعة العمل، وعن استعدادك للتقاعد بدءا من شهر جانفي الداخل. لأول مرة أحسست بنبرات صوتك متغيّرة، كستها بعض الحشرجات. وعندما سألتك عن السبب، أجبتني بأنه مجرد تعب وضغوط العمل، ثم واصلت تقول لي ''ما أصدرته هو الأثر الحي الخالد الذي يصب فيه صحفي مثلك بعض تجاربه وخبراته الإعلامية، أما الأخبار الصحفية، فهي عابرة وميّتة في غدها''، وكأنك بحديثك عن الموت والخلود كنت توصيني خيرا بنفسي، وتودعني الوداع الأخير، وأنا لا أدري. رحلت عنا إلى الأبد وإلى جنة الخلد إن شاء الله يا أستاذنا، وأبانا، وصديقنا الصحفي القدير شعبان زروق، تاركا لنا فراغا كبيرا لا ينسى مدى الحياة. ولكن كن مطمئنا، وارقد قرير العين، فقد خلّفت وراءك كوكبة من الصحفيين والمراسلين الذين تكوّنوا على يديك، بنصائحك وتوجيهاتك التي أدخلتهم مجال الاحتراف الصحفي. أيها الفقيد البار كما عرفتك وتعاملت معك في يومية ''النصر''، حينما كنت مديرها، ثم في يومية ''الخبر'' منذ أن تقلدت فيها منصب رئيس المكتب الجهوي بقسنطينة، فإني أشهد بأنك الوحيد ممن عرفت الذي تستطيع أن تفرض على غيرك بأن يطلق عليك من القلب وبكل حب صفة الأستاذ، فقد كنت أيها الفقيد بالنسبة لي وللكثير من الصحفيين والمراسلين، نِعم الأخ والصديق والناصح والموجه والمدافع عنا أمام مُؤاخذات التحرير المركزي، كما كنت بقلبك الكبير جدا تتحمّل بصبر أيوب عوضا عنا الكثير من ضغوط العمل ومن أخطائنا، وحتى دلالنا عليك. وداعا شعبان، أيها المدرسة المتفردة في الثقافة والإعلام المحترف المسؤول والأخلاق العالية.