بسبب إهمال شرط النظافة فريدة حدادي ترجع معظم التسممات الغذائية إلى تجاهل عامل النظافة، خصوصا من طرف أصحاب محلات الأكل، وهو العنصر والقاعدة الأساسية لحماية صحة المستهلكين، وأكد في هذا الصدد، الدكتور زهير اكسيل، المختص في الطب العام، أن الكثير من الوافدين على محلات الأكل السريع، لا يدركون خطورة الوضع، ملحا في هذا الصدد، على أهمية نشر الوعي بخصوص هذا الموضوع، مع ضرورة اختيار المكان الأنسب لتناول الطعام. ينتشر عبر شوارع الجزائر العاصمة، عدد كبير من محلات "البيتزا" و"الأكل السريع"، بشكل لافت ومثير للاهتمام، نظرا لإقبال المستهلكين عليها، إذ منهم من له علاقة عشق مع الأكل السريع، وهو ما أدى إلى التنافس الشديد بين هذه المحلات، لكن رغم تنوع العروض المسيلة للعاب عشاق هذا الصنف من الأكل، فإنه يُطرح إشكال النظافة، التي تأخذ بعين الاعتبار سواء من قبل المستهلكين أو عارضي "الأكل السريع". وسجل ، في هذا الصدد، حالات كارثية في محيط بعض المحلات، على غرار الأوساخ والقذارة على الأرض وعلى الجدران والأسقف، وحتى على الطاولات والكراسي، تنبعث منها روائح كريهة تختلط برائحة الأكل، إلى جانب أوساخ وبقايا على أواني تقديم الأكل، كالصينيات، ودهون ملتصقة على الفرن وغيرها من المناظر التي يفترض أنها لا تفتح الشهية أبدا، لكن رغم كل ذلك، تشهد هذه المحلات إقبالا كبيرا من الشباب والأطفال، وحتى النساء وكبار السن، مشكلين من حين لآخر، وقت الغذاء، طوابير طويلة، في انتظار الظفر بقطعة "بيتزا" أو "سندويش"، وجسد هؤلاء مقولة "خامج وبنين" أي بمعنى قذر لكن لذيذ، وهي القاعدة للأسف التي تقود أحيانا الزبائن مباشرة إلى المستشفيات، بسبب التسممات الغذائية الحادة. في هذا الصدد، قال الدكتور اكسيل، إنه لا يمكن الحديث فقط عن غياب الضمير لدى مسيري تلك المحلات، الذين يبحثون فقط عن الربح السريع لا غير، بل يجب اليوم الحديث عن غياب المسؤولية، لدى الزبائن والأشخاص الذين يتوافدون على مثلهكذا محلات قذرة". وأضاف الطبيب أن "المنطق هنا واضح، فمن لا يحترم النظافة شكلا، لن يحترمها مضمونا، أي إذا لم يتخوف من حكم الزبائن عليه، بغياب نظافة مكانه، والقاعة التي يجلسون فيها ويلاحظون تجول بعض الحشرات فيها، والتي تلتصق بها أوساخ توحي بأنها لم تنظف لعدة أيام، وأسابيع، وحتى أشهر، فلن يهتم أبدا بنظافة المكونات التي يستعملها وصلاحيتها، إذ يمكن حينها أن يستعمل كل ما شاء، حتى وإن كانت غير صالحة للأكل". وأكد محدثنا أن أعوان الرقابة والأمن في كل مرة ينتقلون بين تلك المحلات، للتحقيق في مدى احترامها لمعايير الصحة والسلامة، وتندهش تلك المصالح المهتمة بنوعية ما يتم اكتشافه هناك من فوضى، وأوساخ وحالات كارثية وانعدام معايير السلامة، "لا نظافة ولا احترام لتلك الشروط، تجعل من تلك الأكلات سموما قاتلة"، ورغم ذلك، يضيف المتحدث: "يحاول مسيرو تلك المحلات إخفاء تلك العيوب، وإيجاد مبررات لأفعالهم دون أي ضمير، ليتم فرض العقوبات المنصوص عليها عليهم، ومع كل ذلك، تتواصل تلك التجاوزات، ويتم تسجيل في كل مرة محلات تكرر تلك الأفعال، كما أن عددها الكبير يحد من مراقبتها باستمرار". وأكد المتحدث، أن هذا يضع الجميع أمام حتمية واحدة، لتفادي الوقوع ضحية هؤلاء الذين لا يحترمون قواعد الصحة والسلامة، وهي "تفادي المحلات التي لا تحترم عامل النظافة، وأن نكون أكثر تطلبا في اختيار أحسن المحلات، التي تهتم بالزبون وتحترمه من خلال توفير له، المكان المناسب للأكل، حفاظا على صحته وسلامته، وليس الركض إلى أول محل في آخر الحي، لطلب الأكل من عنده، رغم حالة محله الكارثية".