باشرت نيابة الجمهورية بمحكمة عنابة، أمس، إجراءات التدقيق القضائي، في ملف فساد على مستوى مؤسسة اتصالات الجزائر في الفترة الممتدة بين 2005 و2007، ويتعلق الأمر بإبرام صفقة تزويد ولاية عنابة والمناطق النائية بتكنولوجية اتصال جديدة، تتمثل في بيع أجهزة اتصال دون كوابل هاتفية. تحرك مصالح العدالة بولاية عنابة، جاء بعدما أنهى أفراد فصيلة الأبحاث للدرك الوطني، مراحل الاستماع القانوني إلى المتهمين الرئيسيين في الملف، ومعظمهم مسؤولون وموظفون حاليون وسابقون بمؤسسة اتصالات الجزائر، وجهت لهم تهم متعددة، تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير واستعمال المزور في محررات رسمية والتستر على الجريمة. ويتابع في الملف، الذي من المنتظر، أن يشرع وكيل الجمهورية بمحكمة عنابة، في استجواب الأطراف، كل من المديرين السابقين للوحدة العملية لاتصالات الجزائر، ورؤساء سابقون للوكالات التجارية ما قبل الميناء، وبوزراد حسين والبوني وغيرها، إضافة إلى إطارات وموظفين مكلفين باكتتاب عقود الإستفادة من الخطوط الهاتفية للأجهزة اللاسلكية. وبيّنت التحريات الأولية على مستوى نيابة الجمهورية، وجود المئات من حالات الاستفادة من الخطوط الهاتفية بدون كوابل، بملفات إدارية مزورة ووهمية قدّرت بأكثر من 1000 ملف، منحت بالمجان خلال الفترة الممتدة بين 2005 و2007 إلى مجهولين، لم يمكن إدارة اتصالات الجزائر من استرجاع مستحقاتها العالقة على عاتق زبائنها، مما كلف خزينة الدولة خسائر مادية فادحة قدّرت، حسب التحقيق الأولي، بأكثر من 03 ملايير سنتيم. تحويل مصالح الدرك الوطني الملف على العدالة، تم بعد فترة طويلة من التدقيق في محتوى العلب الكارتونية، التي تم حجزها بتسخيرة من النيابة على مستوى إحدى المستودعات بمصالح مديرية الوحدة العملية لاتصالات الجزائر الكائن مقرها بمبنى ما قبل الميناء، حيث عثر عليها مرمية وبداخلها حوالي 1000 ملف خاص بالمستفيدين من أجهزة الاتصالات اللاسلكي، ما مكن من معرفة استفادة المئات من المواطنين مجهولي الهوية من خطوط هاتفية دون كوابل، إضافة إلى عدم تبليغ ورفع المسؤولين السابقين للوحدة العلمية لاتصالات الجزائر ورؤساء المصالح التجارية لدعاوى قضائية ضد المستفيدين الوهميين، ما اعتبر في نظر القانون تسترا واختلاسا ومشاركة في تبديد المال العام. واكتشفت مصالح الدرك الوطني، أن بعض الخطوط الهاتفية وأجهزة الاتصال اللاسلكي، تم العثور عليها أثناء حملات التوقيف والمداهمة لبؤر الجريمة، بحوزة مجرمين خطيرين، استخدموها باستعمال ملفات استفادة مزورة في ارتكاب جرائم قتل، خاصة وأن مستعملي هذه الأجهزة اللاسلكية يمكنهم استخدامها للتجسس على الترددات الخاصة بمختلف الأجهزة الأمنية، بعد أن يتم إدخال تعديلات بسيطة عليها. وذكرت مصادر أخرى، أنه سبق لإطارات باتصالات الجزائر، أن وجّهوا تقارير ومراسلات إلى المديرين العامين السابقين لاتصالات الجزائر، على رأسهم المدير الأسبق إبراهيم وارث والمدير المركزي المكلف بالسوق الخارجية، يحذرون فيها من استخدام هذه التكنولوجيا ''الميتة''، التي تم جلبها من طرف شركة ''هواوي'' بعد فشلها في الصين، حيث تم الاعتماد، حينها، على استراتيجية غريبة في بيع هذه الأجهزة ومنحها بالمجان إلى الزبائن دون دفع ثمن الاكتتاب، بهدف منافسة الشركة المصرية ''لكم''، فكانت النتيجة، حسب مصادرنا، كارثية، بمنح المئات من الخطوط بملفات إدارية مزورة وضياع الملايير من المستحقات لا يمكن استرجاعها كونها منحت إلى مجهولين.