كشف الأستاذ علي هارون، أن العلاقة بين عبان رمضان وخصومه داخل لجنة التنسيق والتنفيذ، تدهورت نهائيا عقب المقال الذي نشرته صحيفة ''ليكسبريس'' الفرنسية، والتي أوردت فيه أن عبان يعدّ ''الرقم واحد'' داخل الثورة الجزائرية. وقال هارون، ''لقد انتابنا الخوف على عبان ونحن نقرأ هذا المقال''. موضحا أن الجانب الفرنسي كان يسعى من وراء نشر هذا المقال، إيجاد نوع من الاضطراب والبلبلة داخل صفوف الثورة. ركّز علي هارون في شهادته أمس، في ندوة ''مشعل الشهيد'' بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لاستشهاد عبان رمضان، والتي أقيمت ''بفوروم'' يومية ''المجاهد'' على شخصية مهندس مؤتمر الصومام، واعتبره بمثابة المناضل المثقف الذي قدّم الكثير للثورة الجزائرية. وكشف هارون، أن عبان كان يصحّح كثيرا من مواقف الدكتور فرانز فانون، ويحثه على التصرّف وفق عقلانية ثورية وتجنّب معاداة الشعب الفرنسي برمّته، والاكتفاء بإبراز العداء تجاه الحكومة الفرنسية، من أجل كسب التأييد في صفوف الفرنسيين أنفسهم. من جهته، تحدّث خالفة معمري، الباحث المتخصص في سيرة عبان رمضان، عن وضعية الثورة الجزائرية في ربيع 1955، الذي شهد التحاق عبان بالثورة. وقال إن عدد المجاهدين لم يكن يتجاوز الألف جندي في كل المناطق، بينما بلغ عدد الأسلحة الجماعية خمسة وثلاثين قطعة فقط. موضحا أن أغلب قادة المناطق الذين فجّروا الثورة استشهدوا، ولم يبق منهم سوى كريم بلقاسم وبن مهيدي، وعليه ساهم مؤتمر الصومام، حسب المحاضر، في إخراج الثورة من هذه الوضعية، ووضعها في الطريق الصحيح، ومكنها من إيجاد مؤسسات حققت الاستقلال. واعتبر معمري أن هذه الأوضاع لم تكن تشجع على استمرار الثورة، وعليه يعتقد أن التحاق عبان بالثورة في مارس 1955، بعد أن اتصل به رابح بيطاط، بواسطة عبد الله فاضل، ساهم كثيرا في إعطاء دفع قوي لها، إذ كانت تتربص بها سياسة الحاكم العام جاك سوستيل، الذي سارع إلى خلق قوة ثالثة لضرب الثورة في الصميم وعزل مجاهدي جيش وجبهة التحرير الوطني. وأوضح المحاضر أن قوة عبان تكمن في قدرته على المزج بين العمل الثوري والتفكير الثوري، معتبرا أن المناشير التي كان يحرّرها في الجزائر العاصمة هي التي أعطت للثورة قدرة على كسب تأييد الجماهير الشعبية. ولم يخف معمري ميله لاعتبار عبان بمثابة ''القائد رقم واحد للثورة الجزائرية''، من منطلق قدرته على التنظيم وربط العمل الثوري بالفكر، وهي الفكرة التي ساندها المحامي علي هارون. وبخصوص ما قيل عن وجود علاقة شائكة بين عبان والدين الإسلامي، نفى المجاهد طار قايد مثل هذه الإدعاءات، واعتبر أن عبان كان ''يصر على صوم أيام شهر رمضان''، وكان يرتكز كثيرا إلى مقومات الشخصية الوطنية الجزائرية.