جاء إعلان وزير العدل الليبي صالح المرغني بأن محاكمة سيف الإسلام ستتم بعد نحو شهر من الآن، بعد أيام من تأكيد الناطق الرسمي باسم النائب العام الليبي على ذلك، غير أن الوزير الليبي تفادى ذكر مكان محاكمة سيف الإسلام، هل ستكون العاصمة طرابلس مقر المؤسسات السيادية، أم في مدينة الزنتان الجبلية ذات الغالبية الأمازيغية، والتي مازال سيف الإسلام معتقلا بها منذ أسره؟ وإن كان الليبيون مجمعين على ضرورة محاكمة سيف الإسلام ورموز حكم الراحل العقيد معمر القذافي داخل الأراضي الليبية، إلا أن الخلاف الجوهري الذي يحرج الحكومة الليبية وبرلمانها المنتخب هو أين سيحاكم سيف الإسلام القذافي؟ ففي الوقت الذي سعت الحكومة والبرلمان إلى نقل سيف الإسلام من الزنتان إلى طرابلس، ظل المجلس العسكري لثوار الزنتان مصرا على محاكمة سيف الإسلام في مدينتهم الجبلية، واستعماله كورقة ضغط ضد القادة الجدد لليبيا. ورغم تعيين رئيس المجلس العسكري لثوار الزنتان أسامة الجويلي وزيرا للدفاع لتليين موقف ثوار الزنتان إزاء مطلب تسليم سيف الإسلام للقيادة في طرابلس، إلا أن ذلك لم يزعزع من تمسك ثوار الزنتان بسيف الإسلام مهما كانت الإغراءات أو الضغوط لمعرفتهم الدقيقة بأهمية ورقة الضغط التي يملكونها، خصوصا وأن قبيلة الزنتان من القبائل الصغيرة في ليبيا. ولمح الناطق الرسمي باسم النائب العام الليبي طه بعرة إلى أنه من الممكن محاكمة سيف الإسلام القذافي في الزنتان لتوفر شروط محاكمته هناك، وهذا إقرار صريح بفشل القادة الجدد في ليبيا على فرض سلطتهم على بقية القبائل والأقاليم والمجالس العسكرية الثورية وعلى رأسهم المجلس العسكري للزنتان الذي لم يستجب لطلب السلطة المركزية، وهذا يعتبر في الأعراف العسكرية نوعا من ''التمرد''، لكن الجيش الليبي حديث النشأة عاجز لحد الآن عن فرض سلطته على بقية أطراف الوطن.