عليك بتقوى اللّه في اللقمة والكلمة. فاجتهد أن تأكل الرزق الحلال وإن قلّ، فإنّ اللُّقمة الحلال تكون في البطن نورًا يسري في العروق فيمدّها بالنُّور حتّى تتغذّى الأعضاء به، فعندها تبصر العين بنور اللّه، وتسمع الأذن بنور اللّه، وينطق اللِّسان بنور اللّه، وهذه علامة محبّة اللّه للعبد. ولا تحملُك الحاجة أن تذلّ نفسك، أو تظهر بأسك، أو تتكلَّف ما لا تطيق من مخالفة العلم والشّرع؛ فتبوء بالسّخط والحرمان، ولكن أصدق بالتجائك إلى اللّه، وفرِّغ قلبك لله، واطلب اللّه للّه يحقّق لك وعده {ومَن يتّقِ اللّهَ يجْعَل لهُ مَخرجًا ويرزُقه من حيث لا يحتسِب}. فالمطلوب منك أن تكون نقيًا بلقمتك، معتمدًا على جود ربّك، واثقًا بفضله أن يرزقك من حيث لا تحتسب. ولقد هوى كثير ممّن انتسَب إلى العلم في هذه الهاوية، ظنًّا منهم أنّ الدّنيا مفتاح الوصول إلى كلّ خير، وواللّه لقد أخطأوا الطريق، نسيانًا منهم أنّ اللّه هو مالك الملك المعطي الرّازق، القائل في الحديث القدسي: ''يا دنيا مَن خدمني فاخدميه ومَن خدمك فاستخدميه''.