أكّد البروفيسور عبد النبي بن عيسى، رئيس مصلحة جراحة الأعصاب بالمؤسسة الاستشفائية المختصة سليم زميرلي بالعاصمة، أن الجزائر تحصي أكثر من 150 ألف مصاب بالداء، مع تسجيل ألفي حالة جديدة سنويا. مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يصيب الداء شيوخا تجاوزوا ال65 سنة بالدول الغربية، بات يمسّ من هم في الأربعين من العمر بالجزائر. ارتبط مرض الباركينسون في وقت مضى بالمجتمعات الغربية فقط، لكن آخر الأرقام أثبتت أنه بات من الأمراض الشائعة بمصالح أمراض الأعصاب بالجزائر. هل لنا أن نعرف مدى انتشاره بالجزائر؟ فعلا باتت مختلف مصالح أمراض الأعصاب تسجّل، يوميا، حالات كثيرة لداء الباركينسون، الذي أودّ، في عجالة، أن أفسّر معناه للقارئ، حيث يعرفه العامة ب''الرعاش''، وهو عبارة عن تلف لجزء معيّن في النواة القاعدية في الدماغ يدعى المادة السوداء، التي تعرف بمسؤوليتها عن إفراز مادة ''الدوبامين'' الضرورية لتوازن الحركة لدى الإنسان، وهو مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ لتؤثّر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات، بما في ذلك الانتباه والتوجيه وتحريك الجسم، ما يفسّر إصابة الإنسان بالرعاش، أو ما يُعرف علميا ب''الباركينسون''، الذي يحصي 150 ألف إصابة بالجزائر، إلى جانب تسجيل ألفي حالة جديدة سنويا. هل بالإمكان تشخيص الداء مبكّرا، وبالتالي الوقاية منه؟ للأسف من غير الممكن أن نشخّص الداء مبكّرا، وبالتالي يمكن القول إنه لا مجال للحديث عن الوقاية من هذا الداء، الذي يظهر بشكل مفاجئ، ودون أيّ عوامل خطر مسبقة. لكن هناك، طبعا، أعراض، فهل لنا أن نعرفها؟ نعم هناك أعراض تظهر عبر 3 علامات مميّزة للمرض: أولها ظهور رعشات خفيفة على مستوى نهايات أصابع اليدين والرجلين، وتشمل، في البداية، جهة واحدة من الجسم أو اليد والرجل اليمنى مثلا، حيث تتميّز حركة اليد برعشة متواصلة على مستوى الأصابع التي تتلامس وكأنها تفتّت الخبز، كما ترتعش الرجل في حركة مشابهة لمن يضغط على دوّاسة السيارة ويرفع رجله بعدها باستمرار، ليتواصل بعدها ظهور العرض الثاني المتمثّل في تصلّب الجسم وتوقّف الحركة على مستوى الأطراف الأربعة للجسم، ليظهر ثالث عرض في شكل تعذّر في حركة الجسم ككلّ، حيث يصبح من المستحيل على المريض القيام بأدنى حركة، كما تنعدم حركة تقاسيم وجه المصاب، الذي يصبح غير قادر على رسم أيّ إحساس، سواء ليعبّر عن الحسرة أو الفرح. ما نوعية العلاج المقدّم لهؤلاء المرضى؟ العلاج نوعان: علاج بالأدوية، وهو المعتمد عند نسبة كبيرة من المرضى، إلى جانب علاج آخر ممثّل في الجراحة، التي نلجأ لها في حال ظهور الأعراض الثانوية للدواء عند بعض من المرضى. حيث يجب أن تعرفوا أن مرضى ''الباركينسون'' يتعاطون أدويتهم بمعدّل 5 إلى 6 مرات في اليوم. وعادة ما نشبّه الأدوية التي يتعاطاها المرضى في بدايات علاجهم بشهر العسل الذي يدوم من 4 إلى 5 سنوات، لأنها تسمح لهم بمباشرة حياة جديدة يختفي معها الارتعاش المزمن تماما. لكن هناك نسبة، تمثّل من ثلاثة إلى أربعة بالمائة، من مجموع مرضى الباركينسون تظهر عندهم الآثار الجانبية للدواء، والمتمثّلة في حركات لا إرادية لا يمكن السيطرة عليها تطرأ على نشاط المريض الذي يستحيل عليه التحكّم في جسده. هؤلاء هم من يتوجّب علينا إخضاعهم للجراحة، لإنقاص كميات الأدوية، لتجنّب الآثار الوخيمة لمضاعفاتها. فيما تتمثّل جراحة مرضى الباركينسون؟ أولا، يجب لأن تعرفوا أننا نلجأ للجراحة خاصة عند من يصيبهم الداء في سنّ مبكرة، وأنه لا جراحة لمن تجاوز ال70 سنة. وتتمثّل الجراحة في شقين: إما عن طريق كيّ منطقة معيّنة من الدماغ ممثّل في جزء من النواة القاعدية، أو عن طريق تحفيز الأعصاب بزرع جهاز التنبيه الكهربائي لذلك للجزء المعني من الدماغ، وهو عبارة عن بطارية تحت الجلد على مستوى الصدر يتمّ توصيلها بسلكين على مستوى المخّ يعملان على تحفيز المادة السوداء التي فقدها المريض، لتدوم فعالية البطارية 5 سنوات، على أساس إعادة زرع أخرى بعد تلك المدة، وهو ما يسمح للمرضى بمزاولة حياته بصورة عادية.