لست أدري لماذا حشر معلّق الجزيرة حفيظ درّاجي، الذي أكنّ له كل الاحترام، أنفه فيما لا يعنيه، ولماذا جعل من نفسه ساحة شعور بعد نكسة روستنبرغ. المفروض أن زميلنا درّاجي، شأنه شأن أي صحفي رياضي جزائري، له رأي واحد لا يعلو على آراء بقية زملاء المهنة بخصوص ''سقوط المحاربين'' في بلاد مانديلا، فلكل واحد ''سهمه'' المنتقد يصوّبه في الاتجاه الذي يراه صحيحا، ليس لإيذاء الغير، إنما لمداواة الجراح بوضع ''السهم'' على موضع الداء. كان من المفروض على اتحادية الرئيس محمّد روراوة المضي قدما في نهج الاحترافية ''المزعومة'' ومواجهة الأنصار والصحافيين بالقنوات الرسمية، إما الاعتراف بالفشل وشرح أسبابه، وإما بتبريره والكشف عن سبل تجنبه، على الأقل ليجعلنا روراوة نقتنع بأنه غير مخطئ، أو ليطمئننا بأنه لن يتمادى في الخطأ، وبأنه محترف في النجاح وفي الفشل. ما حدث بعد الخروج ''المذلّ'' لكتيبة ''المحارب'' كان أخطر من الإقصاء ذاته، فالعرض المقترح على الجزائريين وحمل إمضاء المعلّق حفيظ درّاجي لم يكن عملا محترفا، فكان هو المخرج والممثّل والمحلّل النفساني والفيلسوف وحتى قارئ فنجان، وأخذ صاحبنا على عاتقه ''درس الشوك بفمه'' بدلا من أصحابه، ليقدّم المواعظ والدروس، ويقرأ حتى ما يدور في فكر الآخرين وينقله لعامة الناس. صدق الشيخ سعدان حين قال لمعلّق الجزيرة ''من تكون أنت حتى تتحدّث باسم الاتحادية؟''، لأن السؤال فرض نفسه، كون المكلّف بالإعلام الأسبق ل''الفاف'' لم يتحرّج وهو يحنّ لمهنته السابقة والوقوف موقف مدافع عن رئيس الاتحادية وسياسته وعن المدرّب الوطني وإنجازاته. إقحام معلّق الجزيرة نفسه في نزاع ليس طرفا فيه يجعل منه ''وليد خالة مول الباش''، الذي لا تجد له محلاّ من الإعراب.. فقال درّاجي إن حاليلوزيتش لم يصف إقصاء ''الخضر'' ب''العار''، إنما ''أراد أن يقول إنه يستحي من الأنصار بعد الإقصاء''، ثم يقول صاحبنا إن الوزير محمّد تهمي ''ألصقت'' إلى تصريحاته كلمة ''عار'' وهو يتحدث عن الخيبة، وجزم في القول، بحكم معرفته الشخصية بالوزير، بأن ''العار'' كلمة لا توجد في قاموسه. ربما درّاجي المعلّق لم يكتشف موهبته وقدرته على تحليل شخصية ونفسية وعقلية الوزراء والمدربين ورؤساء الاتحاديات، وربما غفل، في تحليلاته، عن ميزة طرح الأفكار النيّرة، فقدّم لنا الكرة بشكل ''مربّع'' بالأرقام وبمنطق مقلوب، ورفض الاعتراف بأنها ''تدور وتدور''، وهي كرة لا تعترف سوى بالأهداف ولا تحتفظ في ذاكرتها إلا بالنتائج وليس بالإحصائيات ولا باللّعب الجميل، حين يكون عقيما. بدا لي طبيعيا أن حاليلوزيتش لا يحتاج إلى مترجم، وبأن روراوة لا ينقصه محام، وبأن الوزير في غنى عن وسيط، ولم يكن لدرّاجي المعلّق سبب ليرعى كل هؤلاء، ويقدّم دروسا لمن هم ''شيوخ'' و''أساتذة'' في عالم الكرة، فلم ننس قولك ذات يوم أن تشكيلة سعدان فازت على إنجلترا بنتيجة صفر مقابل صفر.