خصّ اللّه سبحانه وتعالى أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم بأفضل الشّرائع، فهي وسط بين الأديان، فلم تغل كغلو النّصارى، ولم تُقصِّر كتقصير اليهود، ومن ثمّ جعلها اللّه شاهدة على الأمم يوم القيامة، فما مِن نبيٍّ ولا رسول تنكر أمّته أنّه قد بلَّغ، إلاّ وتشهد له الأمّة المحمّدية بالبلاغ، فيقبل اللّه شهادتها وقولها، لما لها من الفضل والمنزلة، قال اللّه تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة:143 . عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ''يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغتَ؟ فيقول: نعم، فيقال لأمّته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: مَن يشهد لك؟ فيقول: محمّد وأمّته، فيشهدون أنّه قد بلغ: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، فذلك قوله جلّ ذِكرُه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة:143 ، رواه البخاري. قال العزّ بن عبد السّلام: ''ومنها أنّ اللّه تعالى نزَّل أمّته منزل العدول من الحكام، فإنّ اللّه تعالى إذا حكم بين العباد، فجحدت الأمم بتبليغ الرّسالة، أحضر أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم فيشهدون على النّاس بأنّ رسلهم أبلغتهم، وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء''.