كانت الرحلة نحو دوّار ''أغير'' الواقع بين بلديات المحمل وأولاد رشاش وبابار بخنشلة، شاقة، بحكم عدم وجود طرق صالحة للسير، بحثا عن العجوز السبعينية التي كادت تدفن حيّة، لنستقي حقيقة ما وقع لها، ومن أبنائها الذين لم نجد أحدا منهم سوى حفيدها يحيى، 12 سنة. لم يكن سهلا الوصول إلى الخالة علجية، وحتى حفيدها يحيى تردّد كثيرا قبل أن يستأذن منا الحصول على موافقة جدّته أولا، ما جعلنا ننتظر أكثر من نصف ساعة قبل أن يسمح لنا بلقائها، شريطة عدم تصويرها أو حتى ذكر لقبها. الخالة علجية من مواليد 1942 بدوّار يقع على حدود ثلاث بلديات، وهي أم لخمسة أبناء، توفي زوجها قبل 15 سنة. تروي قصتها مع الغيبوبة التي أوصلتها إلى القبر قائلة: ''حقيقة أعادوني من القبر، بعد أن شيّعني أبنائي وأهلي وسكان الدوّار. وقبل ذلك، دخلت في غيبوبة، وكنت أتمنى لو أنني مت لألتحق بزوجي الذي لم يهني يوما، لقد كانت وفاته بالنسبة لي فاجعة''. وتضيف الخالة علجية أنها نامت كالمعتاد ليلة الأربعاء، ولم تستفق إلا بعد أن فتحت عينيها وهي داخل القبر، حيث شعرت بالخوف حين سمعت الناس يبكون، فأخذت تتأمل، لتجد نفسها مكفنة ونائمة على تراب، وفي مكان لم تعرفه، وحين تم إخراجها، راحت تنادي على ابنها، متسائلة عن سبب وجودها في هذا المكان. ولم تفهم الخالة علجية ما حصل لها إلا بعد عودتها إلى المنزل الذي كان الجميع يتأهب لتقديم واجب العزاء لأبنائها في وفاتها، مضيفة أن الجميع لم يصدّق أنني حيّة، وأن ما حدث لي هو استغراقي في غيبوبة وليس الموت. وتذكر أن بعض النسوة سألنها عمّا شاهدته، فأخبرتهن أنها لم تر شيئا، وأنها نامت كما اعتادت النوم، ولم تشعر بأي شيء بعد ذلك إلا بعد أن فتحت عينيها، مؤكدة أنها لم تصدّق أنها ستدفن وهي حيّة، شاكرة الله على عدم رد التراب عليها، لأنها كانت ستتوفى اختناقا. وسألت ''الخبر'' طبيبا عاما في خنشلة عن تفسير هذه الحادثة، فأكد وجود الغيبوبة، ولكن المعني إذا لم يمت فإنه يبقى يتنفس، مشيرا إلى أن أبناءها لم يجسوا نبضها، ولم يتصلوا بطبيب يؤكد الوفاة.