لست أدري لماذا تندفع البلاد في كل شيء نحو الخارج.. الرؤساء الذين يحكمون الجزائر استوردناهم من الخارج في الغالب الأعم.. ووزراء الفساد الكاسح، الذي يجتاح البلاد، استوردناهم، أيضا، من الخارج. المال العام نضعه في بنوك الخارج.. والفشل، أو النجاح في التنمية، نقيسه برضى أو غضب الخارج علينا في الاقتصاد والسياسة.. وحتى الأمن الداخلي ننسق قضاياه مع الخارج، أكثر مما ننسقه مع المواطنين في الداخل.. العلاج الصحي للمسؤولين وكبار رجال الدولة يتم في الخارج. وحتى الوظائف المهمة في الدولة هي التي يعين فيها الجزائري في الخارج. الشعب كله يأكل من الخارج، ويلبس من الخارج، وباختصار البلاد كلها أعناقها مشرئبة إلى الخارج.. حتى بات الخارج جنة يموت من أجلها الشباب في البحر غرقا! حتى العدالة أصبحت تقام في الخارج.. المظالم يحاكم أصحابها في الخارج، والفساد يتابع أصحابه في الخارج! وحتى الأعمال الوطنية، في السياسة والإعلام ومكافحة الفساد، أصبحت تأتينا من الخارج، فماذا إذن بقي لنا في الداخل؟! المواطنون الجزائريون المقيمون بالخارج تحركوا مؤخرا.. وتأسست جمعياتهم المدنية، كطرف مدني، لمتابعة السراق الجزائريين في الغرب من المسؤولين، ودعوة القضاء الأوروبي لتطبيق قانون من أين لك هذا على هؤلاء السراق، الذين اشتروا بالمال المسروق عقارات في أوروبا..! هذا الإجراء عمل جيد من المواطنين الجزائريين، إذا كان الهدف منه معاقبة هؤلاء السراق، بنزع ملكياتهم غير الشرعية، عقابا لهم، لكن ذلك لا يفيد الجزائر وشعب الجزائر في إعادة ممتلكاته إليه، لأن مخالفة قوانين الملكية وتبييض الأموال في الدول الغربية يؤديان إلى مصادرة هذه الأملاك، ولا يؤديان إلى إعادتها إلى الجزائر! أي أن العملية، في أساسها، تساعد البلد الذي استقبل السراق على مصادرة المسروقات.. ولا تساعد البلد المسروق على استعادة ما سُرق منه! وقد رأينا كيف أخذت فرنسا كل أملاك الخليفة في فرنسا، ولم يعد منها مليم واحد إلى الجزائر! الحل لمعضلة الحكم في الجزائر بعث عدالة هنا في الجزائر ، وممارسة المعارضة الجدية التي تطرح بديلا هنا في الجزائر، وممارسة الإعلام الناضح والشجاع هنا في الجزائر.. أي أن المعركة الحقيقية الجادة والجدية يجب أن تجري هنا في الجزائر وليس في الخارج! [email protected]